الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما حدث منك من خوض في عرض هذه الفتاة بما يشيعه الناس حرام لا يجوز، فإن الخوض في أعراض المسلمين بغير حق من أعظم الكبائر وأقبحها. وكان عليك أن تصون لسانك عن أعراض المسلمين وعن التحدث بما ليس لك به علم، فإن الله قد عاب هذا المسلك وشنع على أصحابه وقبح صنيعهم بقوله تعالى: إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ .{النور:15}. وهذه الآية نزلت في عتاب المؤمنين في الفتنة العظيمة التي اتهم فيها المنافقون أم المؤمنين عائشة الطاهرة المطهرة بالفاحشة.
يقول ابن كثير: إذ تلقونه بألسنتكم... قال مجاهد وسعيد بن جبير: أي: يرويه بعضكم عن بعض، يقول هذا: سمعته من فلان، وقال فلان كذا وذكر بعضهم كذا. انتهى.
ولكن هذا الفعل -مع قبحه- فإنه ليس من القذف، بل هو من الغيبة المحرمة لأنك لم تتهمها بالسوء، بل نقلت كلام الناس وحكيته.
جاء في حاشية ابن عابدين: ... سمع من أناس كثيرة أن فلاناً يزني بفلانة فتكلم ما سمعه منهم لآخر مع غيبة فلان. لا يجب حد القذف لأنه غيبة لا رمي وقذف بالزنا، لأن الرمي والقذف به إنما يكون بالخطاب كقوله يا زاني أو يا زانية. انتهى.
ولا شك أن الغيبة من كبائر الذنوب، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 98340.
فبادر -رحمك الله- إلى التوبة مما كان منك من هذا الكلام، وأنصح لأولئك الذين يتخوضون في أعراض المسلمين ويتتبعون عوراتهم وذكرهم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر من أسلم بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم يتتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله. رواه الترمذي وصحححه الألباني.
والله أعلم.