الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله سبحانه أن يعافيك من هذه الوساوس وأن يصرف عنك السوء. واعلمي أن هذه الوساوس من الأدواء الوبيلة وعواقبها سيئة وخيمة سواء كانت في أمور العبادة من طهارة وصلاة ونحو ذلك، أو كانت في الأمور الدنيوية. فعليك أن تبذلي جهدك للتخلص منها، واعلمي أن من أعظم أسباب الخلاص منها الإعراض عنها، كما بيناه في الفتوى رقم: 125093.
أما بخصوص هذا الزواج فإنه صحيح ما دام قد وقع مستوفياً شروطه وأركانه من ولي وشهود ونحو ذلك، وما حدث منك مما يعرف بزواج الدم لا ندري مقصودك به على وجه التحديد، فإن كنت تقصدين هذه الصورة المنكرة التي انتشرت هذه الأيام وهي أن يقوم العشيقان بجرح بعض الأماكن في جسدهما حتى يسيل منها الدم ثم يمزج كل منهما دمه بدم الآخر للدلالة على شدة تمسك كل منهما بصاحبه كما يزعمون فهذا ليس بزواج أصلاً بل هو من وحي الشيطان وكيده للناس، ولا يترتب عليه إلا الإثم والخطيئة واستجلاب سخط الله وغضبه.
وأما عن آية سورة النور فقد سبق تفسيرها ومذاهب العلماء فيها في الفتويين: 99942، 5662.
والراجح من أقوال أهل العلم أن الآية تدل على حرمة الزواج من الزانية قبل توبتها، ولكن هذا لا ينطبق على حالك لأن الظاهر من كلامك أنك بعد وقوعك في هذه الفاحشة قد تبت إلى الله وأخذت بأسباب التقرب إليه وانتهيت عنها فلم تقعي فيها بعد ذلك، بل إنك جعلت من تمام توبتك أن تخبري خطيبك بتفاصيل هذه العلاقة وغيرها، وهذا الإخبار -وإن كانت نيتك فيه طيبة- إلا أنه غير جائز أصلاً لأن من ابتلي بشيء من هذه المعاصي فواجب عليه أن يستتر بستر الله ولا يفضح نفسه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله، وليتب إلى الله، فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله. صححه الألباني.
والخلاصة أن زواجك هذا صحيح لأنك عندما تزوجت بهذا الرجل لم يكن ينطبق عليك وصف الزنا، علماً بأن بطلان الزواج من الزانية التي لم تتب من الزنا ليس محل اتفاق بين أهل العلم بل هو محل خلاف سبق ذكره في الفتوى رقم: 5662. أما التائبة من الزنا فلا خلاف في جواز الزواج بها.
والله أعلم.