الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن ما فعلته زوجتك من عصيانها لأوامرك وإصرارها على مشاهدة المنكرات في مثل هذه المسلسلات والذي كان يجب عليها الكف عن رؤيتها ولو لم تنهها أنت أحرى إذا انضم إلى ذلك نهيك لها، ثم ما قامت به من ترك بيتك إلى بيت أهلها وخروجها منه للنزهة وغيرها دون إذنك كل هذا حرام وهو من النشوز الذي يسقط حقوقها.
ولكن مع هذا كله ينبغي لك أن تتحلى بالحكمة والصبر في التعامل معها، واعلم أنه لا تنبغي المسارعة إلى ضرب المرأة إلا بعد استنفاذ وسائل الاستصلاح الأخرى من وعظ وهجر، فإن لم يجد ذلك فينظر حينئذ في أمر الضرب فإن غلب على ظن الزوج أن الضرب سيؤدي مقصوده من الاستصلاح فحينئذ يجوز له أن يضرب زوجته ضربا غير مبرح، أما إن غلب على ظنه عدم جدواه أو أنه سيؤدي إلى عكس المقصود منه فهنا لا يجوز له الضرب أصلا، جاء في السراج الوهاج على متن المنهاج: وإنما يجوز الضرب إن أفاد في ظنه وإلا فلا يجوز. انتهى.
فتنبه ـ رحمك الله ـ إلى هذه المعاني كلها لأن الضرب وسيلة للاستصلاح والتأديب وليس للتشفي والانتقام.
وإنا لننصحك أن تبادر إلى إصلاح ما بينك وبين زوجتك وأن تجتهد في إرجاعها إلى بيتك.. فإما أن تذهب أنت إليها أو توسط بينك وبين أهلها من تثق فيهم من أهل الخير ليعلموها بحرمة ما تصنعه من هذه المنكرات، ويعلموا أهلها أيضا أنه لا يجوز لهم أن يعاونوها على ما تفعله، فإن رجعت إلى بيتك فأحسن معاملتها وابذل وسعك في تعليمها أمور دينها ونصحها برفق ولين، واحذر العنف فإنه غالبا ما يؤدي إلى عكس المقصود.
فإن لم تستجب لك ورفضت الرجوع إلى البيت أصلا أو رجعت ولكنها تمادت على ما هي عليه من تمردها عليك وإصرارها على فعل المعاصي فلا حرج عليك حينئذ في طلاقها، ولك أن تعضلها بأن تمتنع عن طلاقها حتى تفتدي منك بمال، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 76251.
وفي النهاية ننبه على أن ما أخذته هذه الزوجة من مالك لا يجوز لها أخذه وعليها أن ترده لأنه لا حق لها في مالك ولو تركت الإنفاق عليها، لأنها ناشز والناشز لا نفقة لها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 36384.
والله أعلم.