الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل أن التوبة من الذنب لا تتحقق إلا بعد معرفته، لأن من شروط صحة التوبة الندم والعزم على عدم العود واستحلال أصحابه إذا كان فيه حق للعباد، ولا يتحقق هذا مع الجهل بالذنب، قال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين: فلذلك لا تصح التوبة إلا بعد معرفة الذنب، والاعتراف به، وطلب التخلص من سوء عواقبه أولا وآخرا. انتهى.
فعلى أختك أن تبذل جهدها لتتذكر ما كان منها من تقصير في جنب الله، أو انتهاك لحدوده وحرماته، وهي مأجورة في جهدها ذلك ـ إن شاء الله ـ لأن هذا من محاسبة النفس، وقد قال عمر رضي الله عنه: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا.
وقال الحسن: لا تلقى المؤمن إلا يحاسب نفسه: وماذا أردت تعملين؟ وماذا أردت تأكلين؟ وماذا أردت تشربين؟ والفاجر يمضي قدما قدما لا يحاسب نفسه.
ويروى عن ميمون بن مهران قال: لا يكون العبد تقيا حتى يحاسب نفسه، كما يحاسسب شريكه، من أين مطعمه وملبسه؟.
فإن لم تتعرف على ذنب بعينه فعليها حينئذ أن تتوب توبة عامة مطلقة من كل ذنب، ولتعلم أن هذه التوبة شديدة عظيمة، لأنها تتضمن عزما عاما على فعل المأمورات وترك المحظورات، وتتضمن أيضا ندما عاما على فعل كل محظور، قال ابن تيمية رحمه الله: إن الإنسان قد يستحضر ذنوبا فيتوب منها وقد يتوب توبة مطلقة لا يستحضر معها ذنوبه، لكن إذا كانت نيته التوبة العامة فهي تتناول كل ما يراه ذنبا، لأن التوبة العامة تتضمن عزما عاما بفعل المأمور وترك المحظور، وكذلك تتضمن ندما عاما على كل محظور.
والله أعلم.