الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فوسائل الإجهاض كثيرة قديما وحديثا، وهي إما إيجابية وإما سلبية. فمن الإيجابية: التخويف .. ومنها شم رائحة أو تجويع أو غضب أو حزن شديد نتيجة خبر مؤلم أو إساءة بالغة، ولا أثر لاختلاف كل هذا. ومن السلبية امتناع المرأة عن الطعام ، أو عن دواء موصوف لها لبقاء الحمل. ومنه ما ذكره الدسوقي: من أن المرأة إذا شمت رائحة طعام من الجيران مثلا، وغلب على ظنها أنها إن لم تأكل منه أجهضت فعليها الطلب، فإن لم تطلب ولم يعلموا بحملها حتى ألقته، فعليها الغرة لتقصيرها ولتسببها. اهـ من الموسوعة الفقهية.
وقد نص أهل العلم على أن المرأة إذا عملت عملا يمكن أن يتسبب عنه إسقاط الجنين ثم سقط بسبب فعلها، كأن تشرب دواء أو تأكل طعاما أو ترفع شيئا ثقيلا ونحو ذلك فيسقط جنينها، فإنها تضمنه؛ لإقدامها على ما يسبب الإسقاط، وتفريطها وتقصيرها في المحافظة على جنينها، إذ هو تحت مسئوليتها.
والسائلة ـ كما هو ظاهر ـ لم تتعمد إسقاط الجنين، فإن كان مثل هذه المشاجرة المذكورة في السؤال بهذه العصبية الشديدة لا تسبب الإسقاط عادة، فلا شيء عليك، أما إذا كان ذلك عادة يسبب الإسقاط فتجب عليك الكفارة، وهي عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين.
وأما الدية فقد ذهب الحنفية والشافعية على أنها على عاقلتك. وذهب المالكية إلى أنها عليك أنت. وفصل الحنابلة فأوجبوها في العمد على الجاني، وفي الخطإ على عاقلته، وهي غرة: عبد أو وليدة، وقدر أهل العلم قيمتها بنصف عشر الدية الكاملة، سواء كان الجنين ذكرا أو أنثى. هذا إذا سقط الجنين ميتا، أما إذا سقط حيا ثم مات، فإنه يلزم فيه دية كاملة. وقد سبق بيان شيء من ذلك في هاتين الفتويين: 54903 ، 9133.
والله أعلم.