الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد علّق زوجك طلاقك على كلامك مع أهلك ، والطلاق المعلّق حكمه عند الجمهور أنه يقع به الطلاق إذا وقع ما علّق عليه، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمّية إلى عدم وقوع الطلاق المعلّق الذي قصد به التهديد ، وأنّه يمكن حلّه بكفارة يمين ، والراجح عندنا هو قول الجمهور، وانظري الفتوى رقم :1956.
وقوله: (طالق طالق طالق) إما أن يكون قد قصد به إيقاع ثلاث طلقات ، فالجمهور على أنه يقع به الثلاث ، وحينئذ إذا كلمت أحداً من أهلك ، تكونين قد بنت منه بينونة كبرى، فلا يمكن له إرجاعك إلا إذا تزوجت رجلاً غيره ثم طلقك وانتهت عدتك منه.
وإما أن يكون قصد طلقة واحدة وكرر للتأكيد، أو لم يقصد شيئاً محدداً ، فلا يقع إلا طلقة واحدة، وفي هذه الحال لو كلمت أهلك تقع طلقة واحدة، وله مراجعتك إن كانت هذه هي الأولى أو الثانية.
وإذا كان زوجك قد قصد منعك من كلام أهلك جميعهم ، فإذا كلمت أحدا منهم وقع الطلاق، وأمّا إن كان قصد بهم بعض أهلك كإخوتك دون أبيك وأمّك، فالطلاق لا يقع إلّا بكلامك لمن قصده.
كما أنّه إذا قصد منعك من كلام أهلك على الدوام فالطلاق يقع بكلامك لهم ولو بعد سنين ، وأمّا إذا كان قصد مدة معينة فيمينه تتعلق بتلك المدة ، فإذا انقضت فلك كلامهم دون وقوع الطلاق.
وعلى كل حال فمسائل الطلاق ينبغي الرجوع فيها إلى القاضي الشرعي لأنه متمكن من العلم بالواقعة على ما هي عليه، ثم إن حكمه بأحد الأقوال رافع للخلاف.
ونوصيك بكثرة الذكر والاستغفار والدعاء مع حسن الظن بالله ، لعلّ الله يجعل لك فرجاً ومخرجاً ، وعليك أن تنصحي زوجك بردّ ما عليه من حقّ لأخيك الأكبر ، وعدم التسرع في استعمال ألفاظ الطلاق ، وأن يعاشرك بالمعروف ، ويتجنب الغضب الذي يفقد الإنسان السيطرة على نفسه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْصِنِي قَالَ: لَا تَغْضَبْ. فَرَدَّدَ مِرَارًا قَالَ: لَا تَغْضَبْ. رواه البخاري.
والله أعلم.