الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله العظيم أن يوفقك ويعينك على الاستقامة، واعلم أختي السائلة أن من أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس، فدعي عنك رأي الناس فيك، وهجرانهم وسوء معاملتهم لك، وأقبلي على ربك إقبالا حسنا يتقبلك قبولا حسنا، فإن الله تعالى لا يضيع أجر المحسنين، واصبري على ما أصابك في سبيل الدعوة إلى الله وأمر من حولك بالمعروف ونهيهم عن المنكر، فإن الدعوة إلى الله تعالى تحتاج لصبر ومصابرة، وتقبل لمشاقها وتحمل أذى الناس في سبيلها، كما قال لقمان لابنه: يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ. {لقمان: 17}.
قال السعدي: وذلك يستلزم العلم بالمعروف ليأمر به، والعلم بالمنكر لينهى عنه، والأمر بما لا يتم الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر إلا به، من الرفق والصبر، وقد صرح به في قوله: وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ. ومن كونه فاعلا لما يأمر به، كافًّا عما ينهى عنه، فتضمن هذا، تكميل نفسه بفعل الخير وترك الشر، وتكميل غيره بذلك، بأمره ونهيه. ولما علم أنه لا بد أن يبتلى إذا أمر ونهى وأن في الأمر والنهي مشقة على النفوس، أمره بالصبر على ذلك فقال: وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ. اهـ.
وبذلك يستكمل المرء الفضائل وينجو من الخسران، كما قال تعالى: وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر. {العصر:1-3}.
وما عليك إلا أن تلتزمي بأدب الشرع في الدعوة والنصح والأمر والنهي، كما أمر الله تعالى فقال: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ. {النحل:125}.
وقد سبق لنا بيان وسائل ومراتب، وشروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبيان منهج الرسل في تبليغ رسالات الله، وبيان مرتكزات دعوتهم وأصولها، في الفتويين رقم: 36372، 119489.
والله أعلم.