الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإننا بداية نرحب بالأخت السائلة في موقعنا، ونحمد الله تعالى أن خلصها من ذلك الزوج الفاجر وأمه. وجوابنا يتلخص فيما يلي:
أولا: الأيام التي صمتها وأنت حائض لا يصح صيامها كما علمت، ونرجو أن لا إثم عليك في صيامها لكونك لم تعلمي الحكم الشرعي، ولكن يلزمك قضاؤها، وإذا كنت لا تعلمين عددها بالضبط فصومي ما يغلب على ظنك أن ذمتك تبرأ به ولا يلزمك قضاؤها متوالية.
ثانيا: الأيام التي جامعك فيها زوجك وأنت صائمة في رمضان إن لم يكن أكرهك على الجماع فقد ارتكبت إثما وعليك التوبة، ولا كفارة عليك، ويلزمك قضاؤها.
ثالثا: الأيام التي جامعك فيها قبل الفجر ولم تصوميها لكونك لم تجدي الوقت الكافي للاغتسال قبل الفجر فإنك مخطئة بعدم صيامها، لأنه لا يشترط لصحة الصوم أن يصبح الصائم طاهرا من الحدث الأكبر، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا ويصوم، فيجب أن تقضي هذه الأيام، ونرجو أن لا يكون عليك إثم لأنك لم تتعمدي انتهاك حرمة الصوم.
رابعا: الشهر الذي أفطرته كاملا بسبب الولادة، إن كنت تعنين أنه استمر بك نزول دم النفاس إلى نهاية الشهر فهذا لا إثم عليك فيه، لأنه يجب عليك إفطاره ولا يصح صيامه ما دمت نفساء، ويلزمك قضاؤه، وكذا لا إثم عليك إن كنت أفطرته لكونك مرضعا وخفت على نفسك أو على الرضيع إن أنت صمت، وإذا كنت تعنين أنك أفطرت منه أياما بعد أن طهرت من النفاس فليزمك القضاء التوبة إن كنت تعلمين حرمة ذلك، ويلزمك القضاء على كل حال.
خامسا: الصلوات التي قضيتها عن أيام الحيض ظنا منك وجوب القضاء، نرجو من الله تعالى أن يكتبها لك نافلة، ومن المعلوم أن الحائض لا تؤمر بقضاء الصلوات التي تركتها أيام الحيض وإنما تؤمر بقضاء الصيام.
سادسا: اعلمي أيتها الأخت السائلة أن الله تعالى رحيم بعباده ورحمته وسعت كل شيء وقد قال سبحانه تعالى: إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ.{ البقرة:143}. وقال تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ. { الأعراف:156}. وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. {الزمر:53}.
فاجتهدي في قضاء ما عليك من الأيام، وأبشري برحمة الله تعالى وعفوه ومغفرته، وأحسني الظن به جل في علاه فهو أحق أن يحسن به الظن، وقد قال تعالى في الحديث القدسي: أنا عند ظن عبدي بي إن ظن بي خيرا فله وإن ظن شرا فله. وراه أحمد بهذا اللفظ، وأصله في الصحيحين.
وإذا تبت إلى الله تعالى توبة صادقا من ذنوبك فإن الله تعالى يقبل توبتك حتى لو مت قبل أن تكملي قضاء ما عليك ما دمت صادقة النية في القضاء.
والله أعلم.