الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ابتغاء الذرية وإنجاب الأولاد هو من أسمى الغايات التي شرع من أجلها النكاح، روى النسائي عن معقل بن يسار قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إني أصبت امرأة ذات حسب ومنصب، إلا أنها لا تلد، أفتزوجها؟ فنهاه، ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة فنهاه، فقال: تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم. حسنه الألباني.
والحديث يدل على أهمية كسب الولد وأن هذا مقصد من مقاصد الشريعة، إلا أنه إذا دعت مصلحة إلى تأخير حمل المرأة وكان ذلك برضا كل من الطرفين فلا حرج .
يبقى حينئذ النظر في حالتكم، فإن كان هذا القرار بسبب ما ذكرت من تدهور الأحوال الأمنية في بلادكم، وما يترتب على ذلك من عموم الخوف والحرمان من الأمن، ولم تكن هناك نية أخرى مخالفة فلا حرج حينئذ فيما قمتم به من تأخير الحمل، ولا يكون في ذلك مخالفة للشرع إن شاء الله.
ولكن الذي ظهر من كلامك أنه قد وجدت نية أخرى غير ما ذكرت وهي الخوف من الفقر وضيق الرزق, وهذا فيه ما فيه من سوء الأدب مع الرزاق ذي القوة المتين سبحانه وإساءة الظن به وضعف التوكل عليه, وقد يكون ما حدث لكما من تأخر الإنجاب بسبب ذلك الذنب, وإن كنا لا نجزم بذلك على كل حال، وليس لأحد أن يجزم بذلك لأن هذا من علم الله تعالى.
وقد بينا في الفتوى رقم: 16524 أن تأخير الحمل خوفا من ضيق الرزق لا يجوز.
فالواجب عليكم حينئذ المبادرة بالتوبة إلى الله جل وعلا واستغفاره, ونبشركم– إن أنتم فعلتم – برزق الله لكم فقد جعل الله سبحانه التوبة الصادقة واستغفاره من أسباب الرزق عموما ورزق الولد خصوصا مصداقا لقوله سبحانه: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا. {نوح:10, 11، 12}.
والله أعلم.