الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كانت كثرة النوم باختيار الإنسان وتمنعه من أداء ما افترض الله عليه من واجبات كالصلاة في مواعيدها المحددة فلا شك أن هذا نذير خطر وعلامة عدم رضا عن العبد، فإن التكاسل عن الواجبات لا سيما الصلاة من صفات من ذمهم الله في كتابه، فقال: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً. {النساء:142}، وكذلك عدم الجد وترك الإسراع في الخيرات وتخلف العبد عن مواطن محاب الله من العلامات السيئة، كما قال تعالى: وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ. {التوبة:46}. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ من العجز والكسل كما روى ذلك البخاري ومسلم.
وعن عبد الله رضي الله عنه قال: ذُكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقيل: ما زال نائماً حتى أصبح ما قام إلى الصلاة، فقال: بال الشيطان في أذنه. رواه البخاري ومسلم.
فكثرة النوم باختيار الإنسان تؤدي إلى مفاسد في دين العبد ودنياه وتضيع مصالحه، ولهذا كان الربانيون يذمون كثرة النوم، كما قال الفضيل بن عياض رحمه الله: خصلتان تقسيان القلب: كثرة النوم وكثرة الأكل. وقال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين: وأما مفسدات القلب الخمسة فهي التي أشار إليها: من كثرة الخلطة، والتمني، والتعلق بغير الله، والشبع، والمنام، فهذه الخمسة من أكبر مفسدات القلب. ثم شرحها إلى أن قال: المُفسد الخامس: كثرة النوم فإنه يميت القلب، ويثقل البدن، ويضيع الوقت، ويورث كثرة الغفلة والكسل، ومنه المكروه جداً، ومنه الضار غير النافع للبدن... إلى آخر كلامه.
وهذا كله إن كان النوم اختيارياً، أما إن كان النوم لمرض عضوي أو نفسي فلا حرج على الإنسان إن طلب التداوي من ذلك، فاذهبي إلى متخصص في ذلك لعل الله يجعل لك فرجاً ويذهب عنك الكسل.
وأما عن كيفية التخلص من الإفراط في النوم فقد سبق لنا أجوبة فيها بيان أسباب الهداية، ومقومات الثبات، وعلاج الفتور، وهي تحت الأرقام التالية: 55394، 10943، 17666 فراجعيها.
والله أعلم.