الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أوجب الله سبحانه على الرجل أن يعاشر زوجته بالمعروف فقال سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء: 19}، ومن المعاشرة بالمعروف أن يلين الرجل لزوجته الجانب، وأن يطيب لها الكلام، وأن يتجنب ما عساه أن يؤذيها ويحزنها ويكسر قلبها، قال ابن كثير في تفسيره للآية السابقة: أي طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم كما تحب ذلك منها، فافعل أنت بها مثله، كما قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة: 228}. انتهى.
وبذا يتبين أن ما يفعله هذا الرجل من مقارنة زوجته بغيرها على جهة التفضيل لذلك الغير غير جائز، إذ هو مع مخالفته للمعاشرة بالمعروف إيذاء لها، والشرع قد حرم إيذاء المسلم بأي نوع من أنواع الإساءة، سواء بالقول أو بالفعل بالتصريح أو التلميح.
لكن في الوقت ذاته، فإن على المرأة أن تتجنب ما يغضب زوجها، وأن تسد أبواب الخلاف والشقاق التي تؤدي به إلى هذه الحالة التي تؤذيها، ولتتذكر الزوجة دائما أن الطريق الأمثل لكسب رضا الزوج واستمالة قلبه لا يكون بكثرة الجدل والمناقشات، وإنما يكون بخضوعها له وامتثالها لأمره، ولتذكر ما حفظه لنا التاريخ من الوصية المشهورة التي أوصت فيها الأم ابنتها حينما حان زفافها فقالت: كوني له أمَةً يكن لك عبداً وشيكاً، واحفظي له خصالاً عشرا يكن لك ذخراً:
أما الأولى والثانية: فالخشوع له بالقناعة، وحسن السمع والطاعة.
أما الثالثة والرابعة: فالتفقد لمواضع عينه وأنفه، فلا تقع عينه منك على القبيح، ولا يشم منك إلا أطيب الريح.
وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت منامه وطعامه، فإن غرائز الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.
أما السابعة والثامنة: فالاحتراس بماله، والإرعاء (الرعاية) على حشمه (خدمه) وعياله، وملاك الأمر في المال: حسن التقدير، وفي العيال: حسن التدبير.
وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعصين له أمراً، ولا تفشين له سراً، فإنك إن خالفت أمره أوغرت صدره، وإن أفشيت سره لم تأمني غدره، ثم إياك والفرح بين يديه إن كان مهتماً، والكآبة بين يديه إن كان فرحاً. انتهى