الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد
فالخاطب أجنبي عن مخطوبته، فلا يحل له النظر إليها ولا الخلوة بها، ولا أن تحدثه بالهاتف بمفردها دون حاجة ولا ما وراء ذلك، بل هو كغيره من الرجال الأجانب حتى يتم عقد النكاح، وإنما أباح الشارع له أن ينظر إلى من يريد خطبتها أول الأمر ليكون ذلك مرغباً له في نكاحها ومعرفاً له بصفاتها، وهذا إنما يكون مرة واحدة أو مرتين عند الحاجة..
فالواجب عليك أيها السائل بعد أن حصل الركون من كليكما لصاحبه أن تقطع كل اتصالاتك بخطيبتك هذه تماماً إلى أن يتم عقد النكاح إلا أن يكون هناك حاجة للكلام فلا بأس بالحديث حينئذ مع مراعاة الضوابط الشرعية، ثم إن كنت تحتاج للنكاح وتخشى على نفسك وتقدر مع ذلك على تكاليف الزواج فأعلم أهلك بذلك فإن استجابوا لك وإلا فأتممه دونهم لأنه حينئذ يكون فرضاً متحتماً عليك.
قال ابن قدامة في المغني: والناس في النكاح على ثلاثة أضرب، منهم من يخاف على نفسه الوقوع في محظور إن ترك النكاح، فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء، لأنه يلزمه إعفاف نفسه، وصونها عن الحرام، وطريقة النكاح. انتهى.
ولا يضرك في هذه الحال كونك لا تعمل أو ليس لك مصدر رزق في المستقبل، كل ما عليك هو أن تأخذ بأسباب الرزق والله هو الرزاق ذو القوة المتين.
جاء في المغني: وظاهر كلام أحمد أنه لا فرق بين القادر على الإنفاق والعاجز عنه، قال: ينبغي للرجل أن يتزوج، فإن كان عنده ما ينفق أنفق، وإن لم يكن عنده صبر، ولو تزوج بشر كان قد تم أمره. واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبح وما عندهم شيء، ويمسي وما عندهم شيء. وأن النبي صلى الله عليه وسلم زوج رجلاً لم يقدر على خاتم حديد، ولا وجد إلا إزاره ولم يكن له رداء. أخرجه البخاري قال أحمد في رجل قليل الكسب، يضعف قلبه عن العيال: الله يرزقهم، التزويج أحصن له، ربما أتى عليه وقت لا يملك قلبه. وهذا في حق من يمكنه التزويج، فأما من لا يمكنه، فقد قال الله تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ. انتهى.
أما إن كنت لا تقدر على تكاليف الزواج فعليك بالصبر حتى يغنيك الله من فضله، فإذا حصلت تكاليفه فبادر إليه، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 60902، والفتوى رقم: 67262.
والله أعلم.