الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فخروجك من البيت مرارا لايحصل به طلاق إذا لم تتلفظ به، فالطلاق لايقع بمجرد النية. وراجع الفتوى رقم: 20822. فقد اشتملت على بعض كلام أهل العلم في هذا المجال، وبالنسبة للملف الذي أودعته في المحكمة فإن كتبت فيه الطلاق قاصدا إيقاعه فهو نافذ، وإن لم تنو الطلاق بذلك فلا يلزمك شيء. وراجع الفتوى رقم: 50005.
وقولك نعم جوابا لقول القاضية: طلاق بلا رجعة، اعتراف بالطلاق وسبب لوقوعه ويعتبر طلاقا رجعيا عند المالكية والحنفية والشافعية إذا كانت الزوجة مدخولا بها. أما الحنابلة فيقولون بوقوع الطلاق ثلاثا.
وإليك بعض كلام أهل العلم في المسألة:
ففي حاشية الدسوقي المالكي: مثل ذلك ما لو قال لها أنت طالق طلقة لا رجعة فيها أو لا رجعة بعدها فهي رجعية. انتهى
وفى الفتاوى الهندية على المذهب الحنفي: إن قال أنت طالق على أن لا رجعة لي عليك يلغو ويملك الرجعة كذا في السراج الوهاج. انتهى
وقال الرملي الشافعي فى فتاويه: ( سئل ) عمن قال لزوجته المدخول بها : أنت طالق طلقة لا رجعة لي معها , أو لغيرها أنت طالق طلقة أملك معها الرجعة هل تطلق أو لا؟ لأنه أوقع الطلاق بصفة غير موجودة ؟ ( فأجاب ) بأنه تطلق في الأولى رجعيا وفي الثانية بائنا. انتهى.
وفى كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع: ( ويقع ثلاث في أنت طالق بائن أو ) أنت ( طالق ألبتة أو ) أنت ( طالق بلا رجعة ) لما تقدم في الكناية الظاهرة. قال في الشرح: ولا يحتاج إلى نية لأنه وصف بها الطلاق الصريح. انتهى
وعليه، فيكون طلاقك رجعيا إذا كنت قد كتبت الطلاق في الملف غير قاصد إيقاعه أو قصدت إيقاع طلقة واحدة. أما إذا كتبت الطلاق مع نيته ثلاثا أو اثنتين فقد حرمت عليك، ويشترط في كون الطلاق هنا رجعيا أن تكون زوجتك مدخولا بها، ولم تنقض عدتها، فإن انقضت عدتها أو كنت لم تدخل بها فقد بانت منك، ولا بد من تجديد عقد النكاح بولي وشاهدي عدل ومهر، والعدة تبدأ من وقت الطلاق لا من الخروج من البيت أو إيداع الملف لدى المحكمة، وانقضاء عدة زوجتك يكون بثلاثة قروء بمعنى أن تحيض ثلاث مرات ثم تطهر، وإن كانت لا تحيض فثلاثة أشهر، وإن كانت حاملا فعدتها وضع حملها كله، مع التنبيه على أن الطلاق الذي أوقعته تلك القاضية لا يعتبر طلاقا بائنا، بناء على مذهب الجمهور من عدم صحة تولي المرأة منصب القضاء كما تقدم تفصيله في الفتوى رقم: 32047.
والله أعلم.