الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فطالما أنك قد اختليت بهذه الفتاة وجامعتها فقد وجب لها جميع المهر حتى ولو لم تزل بكارتها بهذا الجماع، بل الراجح من أقوال العلماء أن الخلوة الصحيحة التي يمكن فيها الوطء غالبا تقرر المهر كاملا للمرأة، ودليل ذلك ما رواه الإمام أحمد بإسناده إلى زرارة بن أوفى قال: قضى الخلفاء الراشدون المهديون إن من أغلق بابا أو أرخى سترا فقد وجب المهر ووجبت العدة. انتهى.
وقال العلامة الخرقي وهو من علماء الحنابلة: وإذا خلا بها بعد العقد فقال لم أطأها وصدقته لم يلتفت إلى قولهما، وكان حكمها حكم الدخول في جميع أمورهما. انتهى.
ومعنى الخلوة الشرعية عند الفقهاء انفراد الزوجين في مكان يمكن فيه الجماع بينهما ولو لم يحصل، وبناء على ذلك، فإن على هذه المرأة أن تعتد بثلاثة قروء، ولها المهر كاملا مقدمه ومؤخره، ولكن إن تنازلت هي عنه بمحض إرادتها وردته لك، فيجوز لك أخذه حينئذ، ولا عبرة بمعارضة أمها في ذلك؛ لأنها هي صاحبة المال طالما كانت بالغة رشيدة؛ لقوله سبحانه: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا {النساء:4}ولقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أبو داود وصححه الألباني. وكذا الحال بالنسبة للهدايا التي أرسلتها لها، فإنها ملك لها ولكن إن ردتها فيجوز لك أخذها .
والله أعلم.