الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمسلم كما عرفه النبي صلى الله عليه وسلم هو: من سلم المسلمون من لسانه ويده. متفق عليه.
فالشتم والسب لا يحل في دين الله تعالى، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق. متفق عليه. اللهم إلا أن يكون ذلك على سبيل الرد والمجازاة، وعندئذ فلا بد من العدل وعدم الزيادة في الاعتداء، ويبقى أن الصبر والحلم والعفو والصفح أولى وأفضل، لقوله تعالى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ* وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ* إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ {النحل:126-127-128}، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجراً من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وصححه الألباني.
وقد سبق بيان ذلك وبيان أن الاستقامة وتجنب أسباب الغضب خير معين على ترك الشر.. وذلك في الفتوى رقم: 62602، والفتوى رقم: 65353.
وأما كذبك عند تحقيق الشرطة معك وإخفاؤك لما قلته من كلام بذيء فهو نوع من الكذب والخداع، وهذا لا يجوز في الأصل إلا أن السائل ذكر أن مخاصمته افترت عليه كلاماً فاحشاً لم يقله هو، وكذبها هذا ظلم ظاهر وادعاء باطل، فإن لم يكن من سبيل لدفع هذا الظلم عن نفسك إلا بالكذب جاز لك بالقدر الذي تدفع به الظلم عن نفسك وحسب.
قال ابن الجوزي في كشف المشكل: الكذب ليس حراماً لعينه، بل لما فيه من الضرر، والكلام وسيلة إلى المقاصد، فكل مقصود محمود يمكن أن يتوصل إليه بالصدق والكذب جميعاً فالكذب فيه حرام، وإن أمكن التوصل إليه بالكذب دون الصدق فالكذب فيه مباح إذا كان تحصيل ذلك المقصود مباحاً، وواجب إذا كان المقصود واجباً... إلا أنه ينبغي أن يحترز عنه ويورى بالمعاريض مهما أمكن. .
وبنحو ذلك قال الغزالي في الإحياء، والنووي في رياض الصالحين والأذكار، والألوسي في روح المعاني، وابن القيم في زاد المعاد، وأقره ابن مفلح في الآداب الشرعية، والبهوتي في كشاف القناع، والسفاريني في غذاء الألباب.
وننبه السائل الكريم إلى أن الدراسة في الجامعة المختلطة جسيمة الخطر عظيمة الضرر ولا تجوز إلا في حالة الحاجة الشديدة بشروط سبق بيانها في عدة فتاوى منها هاتان الفتويان: 2523، 56103.
والله أعلم.