الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن وضع العقبات في طريق الدعوة إلى الله نوع من أنواع الصد عن سبيل الله، وقد قال الله تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ {البقرة: 114}.
والصد عن سبيل الله من العمل السيئ الذي يوجب أنواع العقوبات في الدنيا فضلا عن الآخرة، كما قال سبحانه: اشْتَرَوْا بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {التوبة:9} وقال عز وجل: وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {النحل:94}.
ومن تسبب في منع خير أو نشر شر، تحمل وزر ذلك في عنقه يوم القيامة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا. رواه مسلم. وقال الله تعالى: لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ {النحل:25} وقال سبحانه: وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ {العنكبوت:13}.
ولا شك أن وجود أمثال هؤلاء أو غير ذلك من المعوقات في طريق الدعوة إلى الله يستلزم من كل الصادقين المخلصين مضاعفة الجهد ومواصلة العمل. كم أن مخالطة أمثال هؤلاء يتطلب صبرا وبصيرة، ويقينا وحكمة، وفي ذلك أجر عظيم ورفعة في الدارين، كما قال تعالى: وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ {السجدة:24} وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22163، 45802 .
والله أعلم.