الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يتجاوز عن قريبك، وأن يعفو عنه، وقد بين الله ما يجب في قتل الخطأ، فقال عز وجل: وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ {النساء:92}، فهذه هي الدية، وهي واجبة لحق أولياء الميت وتجب في مال العاقلة، وهم عصبات القاتل، فالواجب أولاً على عاقلة قريبك أن يدفعوا الدية لأولياء الطفلين، فإن أسقطوها أو رضوا ببعضها جاز وكان لهم الأجر.
والواجب على قريبك الكفارة وهي تحرير رقبة مؤمنة عن كل نفس، فإن عجز -كما هو الواقع- فصيام شهرين متتابعين عن كل نفس، لقوله تعالى: فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء:92}، ويجب التتابع في صيام كل شهرين على حدة، فإذا صام الكفارة الأولى جاز له أن يفصل بينها وبين الثانية بوقت يستريح فيه، ثم إنه ليس للكفارة وقت معين، بل هي في ذمته حتى يصومها فمتى صامها برئت ذمته، قال الإمام النووي رحمه الله في شرح المهذب: وأما الكفارة فإن كانت بغير عدوان ككفارة القتل خطأ وكفارة اليمين في بعض الصور فهي على التراخي بلا خلاف لأنه معذور، وإن كان متعدياً فهل هي على الفور أم على التراخي؟ فيه وجهان حكاها القفال والأصحاب: أصحهما على الفور. انتهى.
ولكن المبادرة بها أحسن لما فيها من التعجيل بإبراء الذمة، وقد قال الله تعالى: سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ {الحديد:21}.
والله أعلم.