الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحمدُ لله أن من عليكَ بالتوبة والهداية، ونسأله أن يثبتنا وإياكَ على الحق، ثم إنه تلزمك الكفارة عن كلِ يومٍ أفسدت صيامه بالجماع، أما إذا كنت مفطراً من أول اليوم قفد اختلف العلماء هل تلزمك الكفارة أم لا فمنهم من قال عليكَ القضاء فقط مع التوبة كما هو مذهب الشافعي، ومنهم من قال بلزوم الكفارة كما هو مذهب الجمهور وهو أحوط.
فإن كنت أفطرت بالجماع فعليكَ الكفارة، وهي صيام شهرين متتابعين فإن عجزتَ فعليكَ إطعامُ ستين مسكينا، والصحيح أن عليكَ أربعَ كفارات، عن كلِ يومٍ أفطرته كفارة، وذلك لأن صوم كل يوم عبادة مستقلة لا تَعلُقَ له بالآخر، وفي المسألة خلاف ذكره ابن قُدامة في المغني فقال : وجملته أنه إذا جامع ثانيا قبل التكفير عن الأول, لم يخل من أن يكون في يوم واحد, أو في يومين, فإن كان في يوم واحد, فكفارة واحدة تجزئه, بغير خلاف بين أهل العلم, وإن كان في يومين من رمضان, ففيه وجهان; أحدهما, تجزئه كفارة واحدة . وهو ظاهر إطلاق الخرقي واختيار أبي بكر ومذهب الزهري, والأوزاعي, وأصحاب الرأي; لأنها جزاء عن جناية تكرر سببها قبل استيفائها, فيجب أن تتداخل كالحد، والثاني: لا تجزئ واحدة, ويلزمه كفارتان . اختاره القاضي, وبعض أصحابنا. وهو قول مالك، والليث والشافعي وابن المنذر، وروي ذلك عن عطاء ومكحول; لأن كل يوم عبادة منفردة , فإذا وجبت الكفارة بإفساده لم تتداخل كرمضانين وكالحجتين. انتهى.
والخلاصة أنه يجبُ عليك التوبة، وقضاءُ هذه الأيام الأربعة، وصيامُ شهرين متتابعين عن كل يوم ، فإن عجزت فأطعم عن كل يومٍ ستين مسكيناً .
وأما عن مرضك نسألُ الله لكِ العافية، فالظاهرُ أنه لا يمنعك من الصوم لأنه يمكنك أن تتعاطى الدواء مرتين في اليوم، مرةً عند الفطر وأخرى عند السحور، وإن لم يمكن ذلك فحكمك حكم المريض الذي يُرجى برؤه، فلك أن تؤخر الكفارة حتى تبرأ من مرضك، ودليلُ وجوب الكفارة حديثُ أبي هريرة الثابت في الصحيحين قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : هلكت ، فقال: وما ذاك . قال : وقعت بأهلي في رمضان ، قال: تجد رقبة. قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين . قال: لا، قال: فتستطيع أن تطعم ستين مسكينا . قال : لا ، قال : فجاء رجل من الأنصار بعرق، والعرق المكتل فيه تمر، فقال: اذهب بهذا فتصدق به . قال: على أحوج منا يا رسول الله، والذي بعثك بالحق ما بين لابتيها أهل بيت أحوج منا، قال: اذهب فأطعمه أهلك .
وهو دليلٌ واضح على وجوب الكفارة على من جامع في نهار رمضان، وأنها على الترتيب عتقُ رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا.
والله أعلم.