الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمقصودك من السؤال غير واضح تماماً، فأما إذا كان مقصودك هو أداء ألفاظ الإقامة للصلاة الواحدة إذا أقيمت مرتين بحيث يفرغ من الإقامة ثم يعيدها فلا نعلم دليلاً على مشروعية هذا، بل المشروع الذي ثبتت به السنة وتواتر هو إقامة الصلاة مرة واحدة، فالزيادة على ذلك مما لم يأذن به الله، وهي داخلة في عموم قوله صلى الله عليه وسلم الثابت في الصحيحين: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد.
وأما إذا كان المقصود من السؤال هو إقامة الصلاة للجماعة الثانية، بمعنى أن الجماعة الثانية هل تكتفي بإقامة الجماعة الأولى أو يقيمون الصلاة لأنفسهم؟ فقد بينا حكم الجماعة الثانية في الفتوى رقم: 59217.
وأما إقامتهم الصلاة فمشروعة وكذا يشرع لهم الأذان أيضاً لثبوت ذلك عن أنس رضي الله عنه، وعليه فإنهم يؤذنون ويقيمون ولا يكتفون بإقامة الجماعة التي قبلهم، وقال بعض أهل العلم بخلاف ذلك.
وقد حرر ابن قدامة المسألة فقال في المغني: ومن دخل مسجداً قد صلي فيه فإن شاء أذن وأقام نص عليه أحمد؛ لما روى الاثرم وسعيد بن منصور عن أنس: أنه دخل مسجداً قد صلوا فيه فأمر رجلا فأذن بهم وأقام. فصلى بهم في جماعة. وإن شاء صلى من غير أذان ولا إقامة، فإن عروة قال: إذا انتهيت إلى مسجد قد صلى فيه ناس أذنوا وأقاموا، فإن أذانهم وإقامهتم تجزئ عمن جاء بعدهم، وهذا قول الحسن والشعبي والنخعي، إلا أن الحسن قال: كان أحب إليهم أن يقيم، وإذا أذن فالمستحب أن يخفي ذلك ولا يجهر به، لئلا يغر الناس بالأذان في غير محله. انتهى.
والله أعلم.