الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله سبحانه أن يرزقكما من الذرية الصالحة ما تقر به عيونكم، وأن يصرف عنكم كيد الشيطان ونزغاته.
والظاهر من حديثك - أيتها السائلة- أن جملة شكايتك من زوجك تنحصر في أمرين، تفريطه في حقوقك عليه، وتفريطه في حقوق الله، وانتهاكه لحرماته.
فأما ما كان من تقصير في حقوقك وتعمد لإيذائك وإهانتك وإلحاق الضرر بك، فهو نوع من البلاء، وينبغي الصبر عليه، واذكري أن الله سبحانه قد أعد الله للصابرين الثواب العظيم والمغفرة الواسعة، يقول تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ {البقرة: 155-157}. ويقول: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ {الزمر: 10}.
ولعل صبرك هذا على زوجك يكون سببا في تكفير سيئاتك وغفران خطيئاتك ونجاتك من عذاب الله سبحانه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يصيب المسلم من نَصَبٍ (تعب) ولا وَصَبٍ (مرض) ولا هَمّ ولا حَزَنٍ ولا أذى ولا غَمّ حتى الشوكة يُشَاكُها إلا كفَّر الله بها من خطاياه. متفق عليه.
وحاولي مع ذلك أن تنصحي له وأن تذكريه بحقك عليه في المعاشرة بالمعروف، والمصاحبة بالبر والإحسان، وحاولي أن تتغاضي – ما استطعت – عن هفواته وإساءاته محتسبة ذلك عند الله سبحانه، واحذري من أن تردي عليه الإساءة بمثلها، أو تتهربي - كما تقولين - من حقه في الفراش، فإن حق الزوج عظيم، وتقصير الزوج في حق زوجته وعدوانه على حقها لا يبرر إساءة الزوجة له، ولا عدوانها على حقه إذ الكل مسئول أمام الله سبحانه عن عمله، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في الصحيحين وغيرهما: إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع. وقال أيضا: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلتجب وإن كانت على ظهر قتب. أخرجه البزار وصححه الألباني. فعليك أن تؤدي ما عليك من حقوق تجاهه وأن تحتسبي عند الله ما لك من حقوق عليه.
فإن بذلت الجهد واستنفذت المحاولات ولم ينته عن تجاوزاته، ولم تطيقي الصبر ؛ عند ذلك يجوز لك أن تطلبي منه الطلاق، فإن رفض فيمكنك أن ترفعي أمرك إلى المحكمة الشرعية ليتولى القاضي أمر التطليق.
وللفائدة تراجع الفتويين رقم: 72208، 57304.
والله أعلم.