الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فوجود والديك على قيد الحياة نعمة تستوجب الشكر وفرصة تغتنم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو أحفظه. رواه الترمذي. وصححه الألباني، وقال عليه الصلاة والسلام: رغم أنف رجل بلغ والداه عنده الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة. رواه الترمذي وصححه الألباني.
وقد أمر الله بالإحسان إليه لا سيما وقت الكبر بقوله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24}.
وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك ثم الأقرب فالأقرب. حنسه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
فحاول أخي أن تقنع والديك بالموافقة على هذه الفتاة الملتزمة نظراً لتحريض الرسول صلى الله عليه وسلم على الزواج بذات الدين، وتقديم معيار الدين على جميع المعايير الأخرى، كما في حديث الصحيحين: تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك.
فإن لم يقتنعا فلا شك أن إرضاءهما أولى وآكد.
وإن كان لنا من نصيحة في هذا المقام فإنا ننصحك بالنزول على رغبة والدك وترك هذه الفتاة وذلك لما يلي:
أولاً: أنك ذكرت أن هناك فوارق اجتماعية بينكما وهذه الفوارق تعرض الاستقرار الأسري غالباً للانهيار.، ونظراً لضعف الدين في هذه الأزمان فإنه ينصح الرجل ألا يتزوج بمن هي أعلى منه في أمور الدنيا، لأن ذلك ربما أدى في المستقبل إلى تعاليها أو تعالي أهلها عليه وانتقاصهم له فلا تستقيم الحياة الزوجية حينئذ.
ثانياً: أنه قد سبق لك التقدم إلى أهلها وقابلوك بالرفض وأنت لست على يقين هذه المرة أنهم غيروا أراءهم فلا داعي للمغامرة بعلاقتك بأهلك من أجل أمر مظنون..
أما بالنسبة للفتاة التي خطبتها ولا تستريح نفسك لها كما تقول: فإن الأمر أمامك واسع فأمر الخطوبة ليس ملزماً ويمكن فسخه دون حرج طالما وجدت الأسباب، فإن ضاقت نفسك بها وخفت أن تظلمها ولا توفيها حقها فلك أن تتركها من الآن وأن تبحث عن امرأة تستريح لها، يسر الله تعالى أمرك وشرح صدرك.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 37886، والفتوى رقم: 18399.
والله أعلم.