الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالظاهر أن زوجتك قد انتابها نوبة من الغيرة المذمومة حملتها على أن ترفض زواجك بأخرى، ولو استلزم ذلك أن تضحي بحياتها معك، ولها نقول: إن الزواج بثانية وثالثة ورابعة أمر أباحه الله للأزواج طالما قاموا بشرطه وهو العدل: فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً {النساء:3}، وتعديد الزوجات مباح ولو بلا سبب، فكيف والسبب موجود وظاهر وهو تحقيق مقصد الشرع من تكثير النسل، وأنا أنصح هذه المرأة بتقوى الله عز وجل، وألا تقدم على ما يكرهه الله من طلب الطلاق من غير بأس.
وأما بالنسبة لطلبها الخلع فإن كانت صادقة في كونها تكرهك فالشرع يعطيها الحق في أن تفتدي نفسها منك كما تدل له قصة ثابت بن قيس الثابتة في الصحيحين، وقد أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبل الحديقة ويفارق زوجته، وإن كانت كاذبة فيخشى أن تدخل تحت وعيد النبي صلى الله عليه وسلم: المختلعات هن المنافقات. صححه الشيخان أحمد شاكر والألباني.
وعلى كل فهي إذا رفعت أمرها إلى القاضي فهو يحكم بما يظهر له وفق الشرع، وأما خروجها من بيتك بلا إذن ومن غير ضرر عليها في البقاء فهو منكر عظيم، وكذلك سفرها وطلبها للطلاق لا يسوغ الخروج من غير إذن، وليس لها أن تشترط عطاء شيء في مقابل رجوعها إلى البيت، وقد أجمع العلماء على أنه يجب على المرأة لزوم بيتها وألا تخرج منه إلا بإذن زوجها، فعليها أن تتوب إلى الله وتراجع الصواب في ذلك، وأما إذا أصرت على موقفها فاصبر على ما قدره الله، وسل الله أن يعوضك خيراً منها، وإن كنت تحبها فإن الأيام والليالي - مع مجاهدة النفس والاستعانة بالله- تذهب بما تجد في نفسك من حبها، وأما قرار الزواج بأخرى رجاء إنجاب الولد فهو قرار صائب إن شاء الله تعالى فلا تعدل عنه، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لكل خير، وأن يقدر لنا ولك الخير حيث كان.
والله أعلم.