الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن تكبيرات الانتقال سنةٌ عند الجمهور، والحنابلة يقولون بوجوبها، والواجبات عندهم تُجبر بسجود السهو، فالذي كان يلزمكم أن تتابعوا الإمام حين سجد السجدة الثانية، فإن كان نسي التكبير أصلاً لزمه سجود السهو عند الحنابلة، ويرى كثير من أهل العلم أنه لا سجود عليه، وإن كان لم ينسه وإنما ترك الجهر به ظناً منه أنه يصلي منفرداً -وهذا يحصل كثيراً- فلا يلزمه شيء، وعلى كلٍ فصلاة الإمام صحيحة، وأما المأمومون فتلغى ركعتهم الأولى التي لم يسجدوا لها السجدة الثانية وتقوم الثانية مقامها، ويلزمهم الإتيان بركعة مكان التي ألغيت، وأما ما حدث من قيام الإمام لثالثة ومتابعة المأمومين له فهذا ناشئ عن الجهل بالحكم الشرعي، ولذا فصلاته وصلاتهم صحيحة ولا تلزمهم إعادتها، وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قام ناسياً إلى الخامسة وتابعه الصحابة ظانين أن الصلاة قد زيدت عالمين أنها الخامسة، واكتفى النبي صلى الله عليه وسلم بسجدتي السهو ولم يأمرهم بإعادتها.
وفي فتاوى شيخ الإسلام ما يفيد هذا فقد قال: إن قاموا معه -أي إن قام المأمومون مع الإمام لخامسة كما يفهم من السؤال- جاهلين لم تبطل صلاتهم. اهـ.
وظاهر كلام كثير من أهل العلم أنهم لا يعذرون بالجهل، وعليه.. فتكون صلاتهم باطلة لتعمدهم ترك السجدة ومتابعة الإمام في الزيادة، وأما كلام من تكلم مع الإمام فصلاته صحيحة.. فقد ذهب كثير من أهل العلم ومنهم مالك والأوزاعي وكثير من المحدثين إلى أن الكلام لمصلحة الصلاة لا يبطلها مستدلين بحديث ذي اليدين، وقيد ذلك بعضهم بعدم إمكان تفهيم الإمام بغير التكليم، وبناء عليه فإن كان هذا الرجل الذي تكلم مع الإمام كان متأوِّلا يظن جواز ذلك أو كان جاهلا بالحكم، فصلاته صحيحة إن شاء الله، وقد قال الله تعالى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة:286}، وقال تعالى في جوابها: نعم. أخرجه مسلم في صحيحه، ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم معاوية بن الحكم بإعادة الصلاة حين تكلم فيها جاهلاً بالحكم...والأولى والأحوط هو إعادة جميع المأمومين للصلاة مراعاة لقول من أبطلها.
والله أعلم.