الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد نقل الإمام النووي في شرح مسلم عن القاضي عياض أنه قد اختلف العلماء في جواز الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة، فذهب بعضهم إلى الجواز وذهب بعضهم إلى المنع، وأن حجة من منع أن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا الصلاة عليه وليس فيها ذكر الرحمة -أي في التشهد- ثم قال: والمختار أنه لا يذكر الرحمة.
وفي حاشية قليوبي وعميرة: فائدة قيل: يحرم الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة وفارقت الصلاة وإن كانت بمعناها بأن في لفظ الصلاة إشعاراً بالتعظيم، وفي لفظ الرحمة إشعاراً بالذنب. انتهى. وراجع الفتوى رقم: 24871.
والصحيح -كما ذكرناه في الفتوى المشار إليها- هو جواز الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة والمغفرة أيضاً، لما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة وقمنا معه، فقال أعرابي وهو في الصلاة: اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي: لقد حجرت واسعاً. يريد رحمة الله.
قال الحافظ في الفتح: وأخرج ابن ماجه وصححه وابن حبان من وجه آخر عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: دخل الأعرابي المسجد فقال: اللهم اغفر لي ولمحمد ولا تغفر لأحدٍ معناه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد احتظرت واسعاً، ثم تنحى الأعرابي فبال في ناحية المسجد.. الحديث. انتهى.
والله أعلم.