الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فمن حقوق الزوجة على زوجها أن يعاشرها بالمعروف كما قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19} وليس من المعروف أن يهجر زوجته تلك المدة سواء كان لسبب معتبر أو لغير سبب وهذا من الظلم البين لها. قال تعالى: فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا {النساء:129} ومن المفاهيم الخاطئة عند البعض أن المراد بالهجر في تأديب الزوجات هو اعتزال الزوجة كليا، ولم يقل بهذا أحد من أهل العلم بل حددوا معنى الهجر وأقصى مدته. جاء في أحكام القران لابن العربي: قوله تعالى:{ واهجروهن في المضاجع } : فيه أربعة أقوال : الأول : يوليها ظهره في فراشه ؛ قاله ابن عباس . الثاني : لا يكلمها ، وإن وطئها ؛ قاله عكرمة وأبو الضحى . الثالث : لا يجمعها وإياه فراش ولا وطء حتى ترجع إلى الذي يريد ؛ قاله إبراهيم والشعبي وقتادة والحسن البصري ، ورواه ابن وهب وابن القاسم عن مالك وغيرهم . الرابع : يكلمها ويجامعها ، ولكن بقول فيه غلظ وشدة إذا قال لها تعالي ؛ قاله سفيان اهـ وقال القرطبي: وهذا الهجر غايته عند العلماء شهر، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين أسر إلى حفصة فأفشته إلى عائشة، وتظاهرتا عليه، ولا يبلغ الأربعة الأشهر التي ضرب الله أجلا عذرا للمولي.اهـ ومهما كان من أخطاء من الزوجة ولو بلغ لدرجة نشوزها فإنه لا يتصور أن يكون في الهجر تلك المدة إصلاح بل هو ظلم وإفساد. ورحم الله صاحب الظلال إذ يقول في عبارة جميلة: على أن هناك أدباً معيناً في هذا الإجراء . . إجراء الهجر في المضاجع . . وهو ألا يكون هجراً ظاهراً في غير مكان خلوة الزوجين . . لا يكون هجراً أمام الأطفال ، يورث نفوسهم شراً وفساداً . . ولا هجراً أمام الغرباء يذل الزوجة أو يستثير كرامتها ، فتزداد نشوزًا . فالمقصود علاج النشوز لا إذلال الزوجة؛ ولا إفساد الأطفال! والله أعلم.