خلاصة: كلام المرأة مع الرجل الأجنبي مباشرة أو عبر وسائل الاتصال ليس محرماً في حد ذاته إذا أمنت الفتنة والتزمت الآداب الشرعية، وإنما يحرم إذا كان في حرام أو يؤدي إلى حرام، ومن ذلك محادثات الشباب من الجنسين على الانترنت ولو كانوا أولاد عم أو نحوهم من الأقارب غير المحارم
فالكلام مع المرأة الأجنبية كابنة العم أو العمة، وابنة الخال أو الخالة ونحوهن يجوز لحاجة وبضوابط شرعية مرعية، منها: الالتزام بغض البصر بين الطرفين، وأن لا تكون هناك خلوة، وأن لا يتجاوز الكلام قدر الحاجة، وأن لا تكون هناك ريبة وشهوة في قلبيهما أو أحدهما.
لكن ليعلم أن التساهل في الكلام مع غير المحارم والتوسع في ذلك لغير حاجة قد يجر إلى الوقوع في كبائر الذنوب، وإن زين الشيطان أول الأمر هذه العلاقات وأظهرها على أنها بريئة وأنها من باب التناصح والتحفيز على فعل الخير كقراءة القران أو الصلاة ونحوها مما ذكرت، وكم جرَّت هذه المحادثات والعلاقات بين الجنسين عبر وسائل الاتصال كالإنترنت من مفاسد كثيرة، وأدت إلى تدمير عفة وعفاف كثير من فتيات المسلمين.
ولذا فقد نص الفقهاء رحمهم الله على المنع من التكلم مع المرأة الشابة خشية الفتنة، فقال العلامة الخادمي رحمه الله في كتابه: بريقة محمودية وهو حنفي قال: التكلم مع الشابة الأجنبية لا يجوز بلا حاجة لأنه مظنة الفتنة.
وقال صاحب كشاف القناع من الحنابلة: وإن سلم الرجل عليها ـ أي على الشابة ـ لم ترده دفعا للمفسدة.
ونص فقهاء الشافعية على حرمة ابتداء الشابة الرجل الأجنبي بالسلام، وكذا ردها عليه، وكرهوا ابتداء الرجل لها بالسلام، وعللوا التفريق بينها وبينه أن ردها عليه أو ابتداءها له مُطمِع له فيها.
فالحاصل إن من مقاصد الشريعة سد الذرائع التي قد توصل إلى الحرام، وعليه فلا ينبغي لك محادثة الشباب ولو أبناء عمك عبر الإنترنت فيما ذكرت من مواضيع عامة كمعرفة أحواله أو طرح مشاكل بعضكم على بعض لان في هذا- بلا شك - توسعا وتساهلا قد يجر إلى ما لا تحمد عقباه ؛ فإن وجدت حاجة فلا بد أن يكون ذلك في حدود الأدب والأخلاق، وإن استخدمت الإنترنت لحاجة فاقتصري على محادثة النساء وفيما ينفع وفق الضوابط الشرعية.
وبهذا تعلمين الحل وأنه لا تعارض بين الفتوى المشار إليها وبين غيرها من فتاوى الموقع والحمد لله ؛ إذ إن المنع في حالات والجواز في حالات أخرى.
والله أعلم.