الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
ففي جواب السائل مسألتان:
المسألة الأولى: حكم تفضيل بعض الأبناء على بعض في العطية، فهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم ما بين محرم للتفضيل مطلقاً وبين مبيح له مطلقاً، وتوسط آخرون فقالوا بجواز ذلك إذا كانت هناك حاجة لهذا التفضيل كفقر أحد الأبناء أو مرضه أو طلبه للعلم أو حاجته إلى بيت يسكنه أو نحو ذلك من المسوغات الشرعية، ونحن نذهب إلى وجوب التسوية بين الأبناء والبنات إلا إذا وُجد ما يدعو إلى التفضيل، وراجع تفصيل هذا الحكم في الفتوى رقم: 6242.
وعلى كل فإذا استطاع الأب التسوية بين أولاده كلهم فهذا هو المطلوب، فإن لم يقدر فضل من يحتاج، ويقدم الأحوج فالأحوج، فمريد العفاف مقدم على مريد إكمال الدراسة الجامعية وهكذا، وليعلم الأب أنه لا يلزمه شرعاً دفع مصاريف الجامعة لولده، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 59707.
المسألة الثانية: هل يلزم الأب شرعاً تزويج ولده الكبير الفقير أم لا يلزم، فجمهور أهل العلم يرون أنه لا يلزمه ذلك، قال النووي في روضة الطالبين: لا يلزم الأب إعفاف الابن. انتهى. وذهب الحنابلة إلى وجوب ذلك إذا كانت نفقة الولد على أبيه، قال في الإنصاف من كتبهم: يجب على الرجل إعفاف من وجبت نفقته عليه من الآباء والأجداد والأبناء وغيرهم... وهو من مفردات المذهب. انتهى.
وعلى قول الجمهور إذا زوج الأب ولده فيجوز له أن يرجع عليه بما أنفق في زواجه ويلزم الولد السداد، وكذلك إذا أراد أن يرجع عليه بنفقة الدراسة الجامعية لأنها لا تلزمه شرعاً كما تقدم، وأما مسألة بيع الأب لأرضه أو لجزء منها ليزوج أحد أولاده أو ليبني له بيتاً دون بقية إخوانه فهذا داخل في التفضيل وقد تقدم القول فيه في صدر الجواب.
والله أعلم.