الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن للجماع آدابا كنا قد بيناها من قبل، ولك أن تراجع فيها فتوانا رقم: 3768.
وفيما يخص موضوع سؤالك، فقد ورد في السنة جواز الجماع على أية هيئة إذا اتقيت الحيضة والدبر، فعن ابن عباس قال: جاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هلكت، فقال: وما أهلكك؟. قال: حولت رحلي البارحة (يعني جامعت زوجتي في قبلها من جهة الدبر)، فلم يرد علي شيئا. قال: فأوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ، أقبل وأدبر واتق الحيضة والدبر. رواه أحمد ورجاله ثقات.
وفي رواية عن ابن عباس أيضا قال: أنزلت هذه الآية "نساؤكم حرث لكم" في أناس من الأنصار أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ائتها على كل حال إذا كان في الفرج. رواه أحمد في المسند، وقال شعيب الأرناؤوط: حسن لغيره.
ومع هذا فإذا تقرر عند أهل الاختصاص من الأطباء وغيرهم أن بعض الهيئات في الجماع له أضرار فينبغي الأخذ بذلك؛ لأن كل فن إنما يسأل عنه المختصون به. قال الله تعالى: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ {النحل:43}.
وليس فيما قرأتَه في الكتاب المذكور تعارض مع الآية الشريفة؛ لأنها نزلت في سبب مخصوص، ولا مانع من تخصيص عمومها بما أثبتته التجربة إن أثبتت التجربة أن هناك ضررا. فقد ورد التخصيص بالحس والعقل، قال في مراقي السعود:
وسم مستقله منفصـــلا * للحس والعقل نماه الفضلاء.