الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أيها الأخ الكريم أن الحياة الزوجية مبناها على الألفة والمحبة والمودة، قال تعالى: وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا {الروم: 21} ولم يقل: لتسكنوا معها، لأن الحياة الزوجية ليست مجرد قضاء شهوة بل هي تزاوج عقلين وروحين، وذلك لا يمكن أن يتأتى بسهولة، فأنت تعلم أنك قد نشأت في بيئة لها عادات معينة وجبلت على طباع مختلفة ونمط في الحياة مغاير، وهي كذلك، فمن الصعب أن يحدث الانسجام التام والتوافق الكامل في كل شيء، فلا بد من الصبر والتغاضي عما يمكن التغاضي عنه من الهفوات والزلات والنظر في الجوانب المضيئة والمحاسن وعدم ترصد الأخطاء، وذكرها بقوله صلى الله عليه وسلم: لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر. رواه مسلم، ومعنى لا يفرك: أي لا يبغض ويكره.
كما ننصحك بالترفع عن الندية معها وبعدم مجازاتها على أخطائها، فقد أوتيت عليها درجة وقوامة وفضلا، فقدر لها ضعفها وأنوثتها، وتمتع بمحاسنها وتجاوز عن مساوئها، واعلم أن هذا حال كل النساء مع أزواجهن، فلا تسلم الحياة الزوجية من بعض المنغصات التي تسببها الزوجة لزوجها، ففي الحديث: إن المرأة خلقت من ضلع، ولن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها. رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
وكثير مما ذكرت يمكن علاجه بمداومة التعليم والصبر وعدم اليأس، لكن لا بد من الرفق والحكمة في ذلك، قال تعالى لنبيه: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ {آل عمران: 159} ويدرك بالرفق ما لا يدرك بالشدة والعنف، وفي الحديث: ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه. متفق عليه.
وأما هي فإننا نوصيها أن تتقي الله تعالى في زوجها، وتعاشره بالمعروف، وتعلم أن رفع الصوت عليه بالسب ونحوه من الظلم والنشوز المحرم شرعا، وأنها أسوة وقدوة في بيتها لأبنائها، فعليها أن تكون قدوة حسنة في دينها وخلقها وأدبها، وأن طباعها وعاداتها يمكنها تغييرها بالصبر والمجاهدة. قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا {العنكبوت:69} وقال صلى الله عليه وسلم: ومن يتصبر يصبره الله، ومن يستعفف يعفه الله. متفق عليه. فالطباع تكتسب لكن بصبر ومجاهدة.
وللمزيد نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2589، 5291، 5381، 8779، 9226، 9560، 15906، 8038، 58964.
والله أعلم.