الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد صح أن الناسخ والمنسوخ موجودان في السنة المطهرة، كما هما موجودان في القرآن الكريم، وكون بعض الحديث لا تعرف تواريخه لا يمنع من ذلك، لأنه يكفي في النسخ أن يعلم تأخر الناسخ عن المنسوخ، ومعلوم أن في القرآن الكريم أماكن كثيرة لم يتفق على تواريخ نزولها، ومن أمثلة نسخ السنة بالسنة قول النبي صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً. رواه مسلم وغيره.
قال النووي في شرحه لهذه الأحاديث: والصواب المختار أن التحريم والإباحة للمتعة كانا مرتين، فكانت المتعة حلالا قبل غزوة خيبر، ثم حرمت يوم خيبر، ثم أبيحت يوم فتح مكة، ثم حرمت يومئذ بعد ثلاثة أيام تحريما مؤبداً إلى يوم القيامة واستقر تحريمها.
ومن أمثلة نسخ السنة بالقرآن قوله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِم. فإنها نزلت في زيد بن حارثة الذي كان يدعى زيد بن محمد، قال النحاس: هذه الآية ناسخة لما كانوا عليه من التبني وهو من نسخ السنة بالقرآن.
وقد اختلف في نسخ الكتاب بالسنة، قال الشيخ الشنقيطي في مذكرة أصول الفقه على روضة الناظر بعد ذكر أدلة القائلين بعدم الجواز: التحقيق جواز نسخ القرآن بالسنة المتواترة ووقوعه، ومثاله: نسخ آية خمس رضعات بالسنة المتواترة، ونسخ سورة الخلع وسورة الحفد بالسنة المتواترة. ص: 150.
وراجع الفتوى رقم: 46669.
والله أعلم.