الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي تقتضيه قواعد الشريعة ويستلزمه عدلها هو أن الزوج إذا صدر من قبله الضرر بالزوجة، ولم ينزجر عنه إلا بالتفريق بينه وبينها، فرق بينهما بدون أي عوض منها، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. أخرجه الإمام أحمد.
ولقوله تعالى: الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ {البقرة:229}، والذي يسيء عشرة زوجته لا شك أنه إن أمسكها على هذه الحالة لم يكن ممسكاً بمعروف، وإن سرحها بعوض تقضيه له لم يكن مسرحاً بإحسان.
إذاً فالواجب هو أن يزال عن الزوجة الضرر، ففي موطأ الإمام مالك، قال: في المفتدية التي تفتدي من زوجها أنه إذا علم أن زوجها أضر بها وضيق عليها، وعلم أنه ظالم لها مضى الطلاق ورد عليها مالها، قال: فهذا الذي كنت أسمع والذي عليه أمر الناس عندنا. وما أخذته منه من مهر فهو لها بما استحل من فرجها فلا تطالب بإعادته إليه، ويقول الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله تعالى في موضوع الحكمين: وعليهما الإصلاح، فإن تعذر فإن أساء الزوج طلقا بلا خلع وبالعكس ائتمناه عليها أو خالعها له بنظرهما... وهذا هو الذي عليه جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة.
ولم يبح الحنفية للزوج في هذه الحالة أخذ المال، ولكنهم رأوا أنه إذا أكرهها على الخلع وتعاقد معها على ذلك، فإن العقد صحيح، والعوض لازم، وهو آثم عاص، ومن هذا يتبين لك أن القاضي لا يجوز له حمل المرأة على إرجاع المال للرجل إذا أرادت فراقه لسوء عشرته.
والله أعلم.