السؤال
سؤالي هو: عن الشخص الذي لا يسمع ولا يتكلم كيف يكون حسابه، وهل يجب عليه أن يحضر صلاة الجمعة في المسجد؟ وجزاكم الله خيراً.
سؤالي هو: عن الشخص الذي لا يسمع ولا يتكلم كيف يكون حسابه، وهل يجب عليه أن يحضر صلاة الجمعة في المسجد؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن تكليف الشخص متعلق بالعقل فقط، وليس بالسمع واللسان، فما دام الشخص عاقلاً بالغاً يستطيع أن يعلم ما يجب عليه وما يحرم عليه فإنه مكلف ولو كان لا يسمع ولا يتكلم، وهو محاسب على المعصية إن لم يغفر الله له، كما أنه مثاب على الطاعة إن شاء الله تعالى.
أما عن كيفية حسابه على ارتكاب المخالفات التي يعلم أنها مخالفة للشرع فلا نعلم فرقاً بينه وبين غيره في ذلك، أما فيما لم يبلغه فيه شيء أي لم يصل إليه ولم يدر أن هذا الأمر محرم مثلاً، فإنه معذور فيما لم يبلغه بل قد دل الحديث على أنه إن جاءه الإسلام ولم يفهم منه شيئاً فإنه سيمتحن يوم القيامة، فقد روى الإمام أحمد في المسند عن الأسود بن سريع أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: أربعة (يحتجون) يوم القيامة رجل أصم لا يسمع شيئاً، ورجل أحمق، ورجل هرم، ورجل مات في فترة، فأما الأصم فيقول رب لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئاً، وأما الأحمق فيقول رب لقد جاء الإسلام والصبيان يحذفوني بالبعر، وأما الهرم فيقول رب ما أتاني لك رسول فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه فيرسل إليهم أن ادخلوا النار، قال: فوالذي نفس محمد بيده لو دخلوها لكانت عليهم برداً وسلاماً. قال شعيب الأرناؤوط: حديث حسن. والحديث قد صححه الألباني أيضاً.
ومما يدل على أنه مكلف بما بلغه وفهمه ما ذكر الفقهاء من أنه مأمور بحضور الجمعة وغير ذلك ولو كان أخرس، لأن الكلام والسمع ليسا من شروط وجوب الجمعة، ولكن لا بد أن يكون الإمام مع بعض من يحضر الجمعة سالمين من الخرس، قال في دقائق أولي النهى ممزوجاً بمتن منتهى الإرادات، في الفقه الحنبلي وهو يذكر شروط وجوب الجمعة: (الثالث حضورهم) أي الأربعين من أهل وجوبها (الخطبة) والصلاة (ولو كان فيهم خرس) والخطيب ناطق (أو) كان فيهم (صم) لوجود الشروط (لا كلهم) أي إن كانوا كلهم خرساً حتى الخطيب، أو كانوا كلهم صماً لم تصح جمعتهم لفوات الخطبة صورة في الأولى، وفوات المقصود منها في الثانية. انتهى.
وفي المنتقى على شرح الموطأ لأبي الوليد الباجي في معرض الاستدلال على وجوب الجمعة لمن كان على ثلاثة أميال من المسجد ولو لم يسمع النداء: ودليلنا على اعتبار المسافة أننا قد دللنا على تعلق الحكم بالنداء ويجب أن يتعلق بالموضع الذي يسمع منه لا بنفس السماع بدليل أن الأصم يلزمه إتيان الجمعة وإن لم يسمع النداء، والذي جرت عليه العادة أن يسمع النداء في غالب الحال من ثلاثة أميال أو ما قرب منها فلذلك اعتبر ذلك المقدار في وجوب إتيانها. انتهى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني