السؤال
ما حكم الدين في رجل زنى بأم خطيبته في فترة خطوبته لابنتها وقبل عقد قرانه عليها هل زواجه من ابنتها باطل أو صحيح؟
ما حكم الدين في رجل زنى بأم خطيبته في فترة خطوبته لابنتها وقبل عقد قرانه عليها هل زواجه من ابنتها باطل أو صحيح؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الذي يأتي أم خطيبته، أو غيرها يعتبر عاصياً مرتكباً فاحشة من أكبر الكبائر، وأبشع الجرائم، وهي مع أم الخطيبة أسوأ، وهذا العمل يدل على رقة الدين، وانعدام الأخلاق، والحكم الشرعي فيه أنه يقام عليه الحد من جلد أو رجم حسب حالته.
وأما إباحة زواجه من ابنتها بعدما زنا بالأم، فإنها محل خلاف كبير بين العلماء،
قال ابن قدامة في المغني (7/ 117):
[ مسألة: قال: (ووطء الحرام محرِّم كما يحرِّم وطء الحلال والشبهة) يعني أنه يثبت به تحريم المصاهرة، فإذا زنى بامرأة حرمت على أبيه وابنه، وحرمت عليه أمها وابنتها، كما لو وطئها بشبهة أو حلالاً، ولو وطئ أم امرأته أو بنتها حرمت عليه امرأتُه، نص أحمد على هذا في رواية جماعةٍ، وروي نحو ذلك عن عمران بن حصين، وبه قال الحسن، وعطاء، وطاووس، ومجاهد، والشعبي، والنخعي، والثوري، وإسحاق وأصحاب الرأي.
وروي عن ابن عباس أن الوطء الحرام لا يُحرِّم. وبه قال سعيد بن المسيب، ويحيى بن يعمر، وعروة، والزهري، ومالك، والشافعي، وأبو ثور، وابن المنذر؛ لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا يحرِّم الحرامُ الحلالَ»، ولأنه وطء لا تصير به الموطوءة فراشا، فلا يحرِّم، كوطء الصغيرة.
ولنا: قوله تعالى: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء} [النساء: 22] والوطء يسمى نكاحاً؛ قال الشاعر: "إذا زنيت فأجِدْ نكاحا" فيدخل في عموم الآية. وفي الآية قرينةٌ تصرفه إلى الوطء، وهو قوله سبحانه وتعالى: {إنه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلا} [النساء: 22]، وهذا التغليظ إنما يكون في الوطء. وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها». وروى الجوزجاني بإسناده عن وهب بن منبه قال: (ملعون من نظر إلى فرج امرأة وابنتها) فذكرتُه لسعيد بن المسيب فأعجبه. ولأن ما تعلق من التحريم بالوطء المباح تعلق بالمحظور، كوطء الحائض. ولأن النكاح عقد يفسده الوطء بالشبهة، فأفسده الوطء الحرام، كالإحرام وحديثهم لا نعرف صحته، وإنما هو من كلام ابن أشوع وبعض قضاة العراق ، كذلك قال الإمام أحمد. وقيل: إنه من قول ابن عباس ]. انتهى..
ولعل رأي القائلين بالتحريم أولى بالتقديم، والأخذ بعين الاعتبار من الرأي الآخر، في مثل هذه المسألة وخصوصاً في زماننا هذا الذي ضعفت فيه الروادع الإيمانية، وانعدمت فيه الزواجر السلطانية.
إذ القول بعدم التحريم يدعو إلى استمرار الصلة، وتوثيق العلاقة، بل وجواز الخلوة بهذه الزانية التي سوف تصبح أماً للزوجة الشرعية - في مثل السؤال المطروح - يدخل عليها زوج ابنتها متى شاء، ويختلي بها كيف شاء، فلا يؤمن عليهما أن يعودا إلى فجورهما إذا افترضنا أنهما أقلعا عنه فترة.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني