السؤال
أسكن في شقة في الدور الأرضي وأخي يسكن معي في العلوي وأبي يسكن معي في نفس الشقة إلا أنه يسكن في غرفة مستقلة المخرج والمدخل عن شقتي وهو مريض بشلل نصفي ولا يستطيع الحركة وذلك منذ حوالي 27 سنة ونقوم نحن على خدمته إلا أن زوجتي إذا دخل أولادي عند أبي تقوم بتغيير ملابسهم واستحمامهم وإذا دخلت أنا عنده تطالبني بغسل يدي ورجلي وتغيير ملابسي بحجة أن الغرفة بها نجاسة وإذا لم أفعل تقوم بمسح كل شيء ألمسه بالماء من فرش وبطاطين وغيره مما تلمسه يدي أو أمشي عليه مما تسبب في إحداث أضرار لنا حيث إن الفرش يكون مبللا باستمرار مما تضطر معه لتشغيل المراوح لتجفيف الفرش حتى في الشتاء، حاولت النصح أكثر مرة بأن ما تفعله لا يقبل وأن هذا الأمر وهم ولا يوجد له أساس وأني حريص على طهارتي لتصح عبادتي، ومع الوقت تفاقم الأمر وأصبحت تحرص عليه أكثر وتهمل مصالح البيت بحجة أنها مشغولة باستمرار مما أحدث بيننا مشاكل كثيرة، وعليه تركت البيت وعندما ذهبت إلى أهلها لصلحها قال أهلها أنه يلزمهم شقة بعيدة عن بيت والدي بحجة أن الذي عندها وسواس وأن هذا مرض وأنه يجب علي علاجها وتوفير مناخ يريحها نفسيا، وأني بعدم الاستجابة لها فيما تطلب من غسل يدي وتغيير ملابسي أن هذا عناد لها وبأن والدي معه أخي يسكن في البيت وسيقوم هو على رعايته فعرضت عليهم بأن تسكن في منزل آخر يخصني إلا أنه مجاور للمنزل الذي يسكن فيه والدي فرفضوا بحجة أنه بذلك لم نفعل شيئا فرفضت حرصا مني عدم إغضاب أبي علي ولأن حقه مقدم فطلبوا مني الطلاق إذا لم أستجب لمطلبهم وأن بنتهم لن تدخل هذا البيت مرة أخرى، فأفتوني في أمري هذا ماذا أفعل فيه.
جزاكم الله خيرا
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولا أن ننبهك إلى أنك قد أحسنت في حرصك على القرب من والدك والعمل على إرضائه، فإن في رضا الوالد في المعروف رضا الله سبحانه وتعالى، خصوصا إذا كان في الحالة التي بينتها. فقد قال صلى الله عليه وسلم: رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف، من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كلاهما فلم يدخل الجنة. رواه مسلم عن أبي هريرة. وروى الترمذي من حديث عبدالله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد. وفي الترمذي أيضا من حديث أبي الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن من حق الزوجة على زوجها أن تطلب مسكنا مستقلا، ولكن المقصود بالمسكن المستقل أن يكون للزوجة حجرة مع ملحقاتها من ممر ومطبخ ومكان قضاء الحاجة، وليس المقصود بالمنزل المستقل غير ذلك.
قال الشربيني في مغني المحتاج: ولو اشتملت دار على حجرات مفردة المرافق جاز إسكان الضرات فيها من غير رضاهن، والعلو والسفل إن تميزت المرافق مسكنان.
فإذا كنت قد أسكنت زوجتك في غرفة مستقلة المخرج والمدخل عن الشقة التي يسكنها أبوك، فإنك بذلك تكون قد أعطيتها حقها عليك. وما ذكرت أنك عرضته على أهلها بأن تسكن في منزل آخر يخصك إلا أنه مجاور للمنزل الذي يسكن فيه والدك هو زيادة منك في السعي في إرضائها.
وإذا كانت تمتنع من جميع تلك العروض فمعنى ذلك أنها لا تقبل إلا أن تقطعك من أبيك، وليس ذلك من حقها، بل ولا يجوز لك أن تطيعها فيه.
فعليك أن تعالج حالها بالحكمة، وإذا بقيت مصرة على تحقيق طلبها أو الطلاق، فهي بذلك تكون ناشزا، وقد سبق أن بينا كيف تعامل الناشز، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 31060.
والله أعلم.