السؤال
كيف يمكن للمسلم أن يفرّق بين المصائب التي سببها الحسد، والمصائب الأخرى التي لا علاقة لها بالحسد؟ فمثلًا لاحظت أنه قد حصلت لي سلسلة من الأحداث في الفترة الأخيرة، ولا أجد لها تفسيرًا، كحادث سيارة، وأمراض، ودخول مستشفيات، وعدم تمام ما أعمله على الشكل المطلوب، ولم يكن ذلك الحال يصاحبني من قبل، وقال لي البعض: إني محسود، فكيف لي أن أعرف ذلك، وأنا لا أعرف من حسدني!؟ هذا على فرض أن هناك حسدًا، أو عينًا فعلًا، فهل هناك طريقة علمية واضحة للتفريق بين الأشياء النابعة من الحسد عن غيرها؟ وكيف يمكن علاج الحسد دون معرفة الحاسد؟ بارك الله فيكم، ونفعنا بعلمكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن مما يعين على التفريق بين ما كان من المصائب ناتجًا عن حسدٍ، أو عن غير حسد، أن نتعرف إلى أعراض الحسد، والعين:
فإن أعراض العين في الغالب تكون شبيهة بأعراض الأمراض العضوية، إلا أنها لا تستجيب إلى علاج الأطباء، كأمراض المفاصل، والخمول، والأرق، والحبوب، والتقرحات التي تظهر على الجلد، والنفور من الأهل، والبيت، والمجتمع، والدراسة، وبعض الأمراض العصبية، والنفسية.
ومن الملاحظ أن الشحوب في الوجه؛ بسبب انحباس الدم عن عروق الوجه، والشعور بالضيق، والتأوه، والتنهد، والنسيان.
والثقل في مؤخرة الرأس، والثقل على الأكتاف، والوخز في الأطراف، يغلب على مرضى العين، وكذلك الحرارة في البدن، والبرودة في الأطراف.
أما أعراض الحسد، فيقول عبد الخالق العطار: أعراض الحسد تظهر على المال، والبدن، والعيال؛ بحسب مكوناتها، فإذا وقع الحسد على النفس، يصاب صاحبها بشيء من أمراض النفس، كأن يصاب بالصدود عن الذهاب للكلية، أو المدرسة، أو العمل، أو يصد عن تلقي العلم، ومدارسته، واستذكاره، وتحصيله، واستيعابه، وتقلّ درجة ذكائه، وحفظه، وقد يصاب بميل للانطواء، والانعزال، والابتعاد عن مشاركة الأهل في المعيشة، بل قد يشعر بعدم حب، ووفاء، وإخلاص أقرب الناس، وأحبهم له.. إلى آخر ما ذكر من أعراض.
والحاصل؛ أن الحسد والعين داءان، يعرفان بمعرفة أعراضهما.
وطريق التداوي منهما بالرقية الشرعية، كقراءة الفاتحة، وآية الكرسي، وخاتمة سورة البقرة: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ {البقرة:285-286}، وقوله تعالى: وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ [القلم:51]، والإخلاص، والمعوذتين، وبعض الأدعية النبوية، كقوله صلى الله عليه وسلم: "أعيذك بكلمات الله التامة من كل شيطان، وهامة، ومن كل عين لامة". "بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس، وعين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك". تقرأ مباشرة على المريض، وتقرأ على ماء؛ ليغتسل به، ويشرب، هذا في حالة عدم معرفة العائن.
أما إن عرف العائن، فيؤمر بالاغتسال، أو الوضوء، ثم يغتسل منه المصاب، كما في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم: العين حق، ولو كان شيء سابق القدر، سبقته العين، وإذا استغسلتم، فاغسلوا. وعند أبي داود عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان يؤمر العائن، فيتوضأ، ثم يغتسل منه المعين.
والله أعلم.