السؤال
كنت سألت حضراتكم في السابق عن غياب الزوج عن زوجتة أكثر من ستة أشهر خارج بلده مع عدم موافقة الزوجة عن الغياب وتريد من الزوج الرجوع وهو يعمل في بلد إسلامي، وكان ردكم علي حسب فهمي أنه آثم ولا بد أن يرجع ويترك عمله والواجب أن يعف أهله، ولكن قرأت وإني متابع لشبكتكم كل يوم فتوى رقم 76787 وفهمت منها عكس مافهمته في سؤالي السابق. رجائي أن تفيدوني وتوضحوا لي الرأي الصائب وما فتح الله عليكم من العلم، هل يترك الزوج زوجته أكثر من عام من أجل العمل بالخارج وهو لا يستطيع أن يحضرها إلى البلد التي يعمل بها ولا يعلم له عملا ببلده إذا رجع إلى أهله (بلده) وهي لا تريد سفر زوجها إلى الخارج ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تقدم في فتاوى سابقة أنه لا يجوز للزوج أن يغيب عن زوجته بدون عذر أكثر من ستة أشهر إلا برضاها، وتراجع الفتاوى التالية: 22429 ، 10254 ، 44467 ، ومن العذر سفره الواجب للحج مثلا ، وسفره لكسب الرزق الذي لا بد له منه، كما ذكر في الفتوى رقم: 76787.
وقد بين هذا صاحب كتاب الإنصاف بعد قوله: وإن سافر عنها أكثر من ستة أشهر, فطلبت قدومه لزمه ذلك . إن لم يكن عذر. قال الإمام أحمد رحمه الله , في رواية حرب: قد يغيب الرجل عن أهله أكثر من ستة أشهر فيما لا بد له منه. قال القاضي: معنى هذا أنه قد يغيب في سفر واجب كالحج والجهاد فلا يحتسب عليه بتلك الزيادة ; لأنه معذور فيها ; لأنه سفر واجب عليه . قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: فالقاضي جعل الزيادة على الستة الأشهر لا تجوز إلا لسفر واجب , كالحج والجهاد ونحوهما .. وكلام الإمام أحمد رحمه الله يقتضي أنه مما لا بد له منه. وذلك يعم الواجب الشرعي, وطلب الرزق الذي هو محتاج إليه. انتهى . قلت (والكلام لصاحب الإنصاف): قد صرح الإمام أحمد رحمه الله بما قال . فقال في رواية ابن هانئ وسأله عن رجل تغيب عن امرأته أكثر من ستة أشهر ؟ قال : إذا كان في حج , أو غزو , أو مكسب يكسب على عياله أرجو أن لا يكون به بأس, إن كان قد تركها في كفاية من النفقة لها، ومحرم رجل يكفيها . انتهى .
وبهذا يتبين أنه لا تعارض بين هذه الفتوى وما سبق تقريرة من عدم جواز غياب الرجل عن زوجته فوق ستة أشهر، وأن هذا مقيد بما لم يكن هناك عذر كما تقدم .
والله أعلم .