السؤال
يقول الله تعالى في سورة النساء الآية 157:(وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا)، لماذا لم يقل "لم يقتلوه ولم يصلبوه" بدلاً من "ما قتلوه وما صلبوه"؟ جزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الله سبحانه وتعالى قد أنزل كتابه بلسان عربي مبين، وأعجز به أرباب ذلك اللسان وفصحاءه ببلاغته وروعة أسلوبه وجمال عباراته وسلاسة تراكيبه، فقد وضع كل كلمة موضعها الذي لا يوجد ما هو أصلح منها فيه ولو كان يحمل نفس المعنى، فلا غرابة في عبارة من عباراته، أو جملة من جمله.
وليس لنا أن نقول لم قال كذا ولم يقل كذا؟ معترضين أو مستحسنين خلافه؛ إلا أن يكون ذلك لفهم أسراره وسبر أغواره، وهنا نبه العلماء على بعض الفوائد في ذلك، ومنهم السيوطي في كتابه أسرار ترتيب القرآن، وأبو بكر محمد بن الطيب في كتابه إعجاز القرآن، والغزالي في كتابه جواهر القرآن وغيرهم.
وأما سؤالك عن سبب عدوله هنا عن الجملة الفعلية المضارعة المنفية بلم إلى الجملة الفعلية الماضية المنفية بما، فالجواب أننا لم نقف فيما اطلعنا عليه على من نبه إلى علة ذلك، وربما لأنه الأصل، فهو إخبار عن ماض، وما جاء على أصله لا يسأل عن سببه كما يقولون.
ولعل من ذلك جمال الجملة هنا وسلاستها في التركيب، ولما تفيده الجملة الماضية من التحقق والتقرر، فعدم قتلهم له حقيق متقرر واقع، فالتعبير بها هنا دقيق جداً وجميل جداً، وحسبنا أن الله تعالى عبر بها واختارها في هذا المكان.
والله أعلم.