السؤال
والد زوجتي يشرب الخمر وزوجته والبعض من أولاده ويشترون اللحم غير المذكى من المحلات الألمانية بحجة أنهم قبل الأكل يسمون عليها فتصبح حلالا وهم لا يحافظون على الصلوات إلا في رمضان ووالد زوجتي لا يؤمن بعذاب القبر ولا بالأحاديث الصحيحة على زعمه أنه يؤمن بكتاب الله فقط ويفسره على كيفه فيزعم أن الخمر ليس حراما بل مكروها (فاجتنبوه) ويقول إن عيسى عليه السلام بدون شهوة ويقول إن يوسف عليه السلام هم بالزنا وقال والعياذ بالله إن مريم بنت عمران رضي الله عنها خير من خديجة وفاطمة رضي الله عنهما بحجة أن مريم كانت عذراء وخديجة وفاطمة كل واحدة منهما لها زوج اعذروني هكذا قالها هذا المتعجرف الذي يدعي أن الله يكلمه ويحبه ثم زوج ابنته الوسطى من نصراني نطق فقط بالشهادتين في مسجد تركي وحتى الآن لم يصل أو يتعلم أحكام الإسلام وقد قال أبو زوجتي حينها بأن الزوج النصراني أواليهودي خير من المسلم فأنا أريد من زوجتي أن تقطع كل العلاقات معهم لأنهم يؤثرون عليها بأفكارهم السوداء فزوجتي حديثة عهد بالتعاليم الإسلامية فقبل سنوات لم تكن تعرف شيئا لم تكن تعلم بأن الله يرانا فكانت في رمضان تختبىء وتأكل فعلمتها الصلاة وارتدت الحجاب بفضل الله وعلمتها قراءة القرآن فهل أمنعها من أهلها مع أن البعض نصحنا بلا لعلها تكون سبب هدايتهم وأنا أرى العكس اعذروني على الإطالة أفيدونا جزاكم الله كل الخير؟
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجوز لك منع زوجتك من زيارة والديها وأقاربها وكذلك أبناؤك، إذا كان يترتب عليه فسادهم أو كنت تخشى عليهم الفتنة ، وعلى الجميع حينئذ السمع والطاعة ، لأن الشرع يلزم المرأة بطاعة زوجها ما دام يأمر بمعروف ، وكذا الأبناء ولأن الله تعالى يقول : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم: 6} ويقول : وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2}
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى : المرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك بها من أبويها ، وطاعة زوجها عليها أوجب . انتهى
وقال أيضاً : فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه ، سواء أمرها أبوها أو أمها أو غير أبويها باتفاق الأئمة . انتهى
علماً بأن الأصل أنه لا يجوز للزوج منع والدي الزوجة من زيارتها في بيته أو الذهاب إليهما في بيتهما ، لكن إذا ترتب على ذلك ضرر محقق يتأذى منه الزوج فله المنع حينئذ تفادياً للضرر ، فالقاعدة أنه لا ضرر ولا ضرار . قال المرداوي في الإنصاف ــ وهو حنبلي : الصواب في ذلك : إن عرف بقرائن الحال أنه يحدث بزيارتهما أو أحدهما له ضرر فله المنع وإلا فلا . انتهى
وقال صاحب التاج والإكليل في شرح مختصر خليل ــ وهو مالكي ــ : سئل مالك عن الرجل يتهم ختنته بإفساد أهله ، فيريد أن يمنعها من الدخول عليها ؟ فقال : ينظر في ذلك ، فإن كانت متهمة منعت بعض المنع ، لا كل ذلك ، وإن كانت غير متهمة لم تمنع الدخول على ابنتها . انتهى
والحكم في الإخوة والأخوات كالحكم في الأبوين قال في حاشية الصاوي : وليس له منع أبويها وولدها من غيره أن يدخوا لها .. وكذا الأجداد وولد الولد والإخوة من النسب ، بخلاف الأبوين ، وما بعدهما من الرضاع فله المنع منه . انتهى
والذي نراه للأخ السائل أن يوازن بين المصالح والمفاسد ، فإن كان في اختلاط زوجته بهؤلاء ما يضر الزوجة أو الأبناء أو الزوج نفسه ، فالواجب عليه أن ينأى بأهله عما يضرهم وقد ولاه الله عليهم ، وهو مؤتمن على دينهم. ولو كان في الاختلاط بهم نفع لهم ، فلأن ينفع المرء نفسه فحسب خير له من أن ينفع غيره ويتضرر ، أما إذا كان في الاختلاط بهم ما ينفعهم دون أن يعود ذلك بالضرر عليك أو على أهل بيتك فواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قائم في حقك وحق زوجتك وحق المكلفين من أولادك ، وتقدير الضرر وعدمه يعود إليك فأنت أقرب منا إلى الواقع الذي تعيشه ، وبالنظر في حال من ذكرت يعطيك الصورة الصحيحة التي ينبني عليها الهجر أو الوصل . وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية :25926 // 20950 // 29999 // 66760 .
والله أعلم .