السؤال
لو خير الأبناء بين الوقوف مع الأب أو مع الأم ماذا يختارون في حكم الشرع علما بأن الأب لا يؤدي أي فريضة من فرائض الدين ولا يحترم الحرمات الإسلامية أي مسلم بالاسم فقط أما الأم فهي متدينة تؤدي جميع الفرائض بصدق كما أن الأب يضرب أبناءه منذ الصغر حتى بلوغهم سن الرشد ويضرب زوجته أيضا ولم يرب أبناءه أقصد لا يتعامل معهم معاملة الأب وإنما معاملة جلاد بخيل برغم من حالته المادية الجيدة كما أنه يأخذ أموال أبنائه القليلة جدا لا لسبب الحاجة وإنما كي لا يستطيعوا تكوين أنفسهم أو بالأصح حتى يبقوا عبيدا له وهو يصرح بهذا بينهم أما أمام الناس فيتعامل معاملة حنونة جدا
هل يحق لهم أن يتعاملوا معه بأسلوب عنيف أم لا وهل يحق لهم أن يبعدوه بالقوة عن أمهم إن حاول إيذاءها إلى درجه كسر العظام من دون سبب
وهل يحق لهم أن يشهدوا ضده بالمحكمة إن طلب منهم القاضي؟ حيث قام الأب ببيع المنزل الذي يقيمون فيه مع أمهم وأخذ كل ما يملكون حتى ذهب الأم الذي ورثته عن أمها كما اتهم الأم والأولاد بتهم كثيرة باطله وهو يهين الأولاد أينما يراهم ويتكلم عنهم بالسيئ دائما ويقول إنهم ليسوا أبنائي كما أنه يبصق عليهم أينما رآهم ويضربهم
هل يعتبر الأبناء من قاطعي الأرحام في هذه الحالة وهل معنى الأبوة أن يتزوج رجل امرأة ثم ينجب أطفالا ثم يهينهم ولا ينفق عليهم إلا القليل مما أخذه من أمهم ثم يأخذ ما لديهم من مال ومسكن وحتى الملابس ويلقيهم في الطريق ويشهر بهم وبأمهم و يضربهم حتى إنه يطبق عليهم أساليب التعذيب في المعتقلات
له مساوئ الدنيا بأكملها
أستاذي الفاضل إن شهدوا عليه في المحكمة وقاطعوه لأنه لا يريدهم هل يعتبر قطعا للرحم وإن كان بالفعل قطعا للرحم ماذا يعملون إن كان يهينهم حين يراهم ويستهزئ بهم إن حاولوا الاعتذار عن ذنب لم يرتكبوه أفيدونا يرحمكم الله بما أنزل عليكم من علم
شكرا مع فائق الاحترام
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 56766 أن بر الوالدين واجب محتم، يأثم الأبناء بتركه، سواء كان هذا الأب قائما بحقوقهم من النفقة والتربية، أو كان مقصرا في ذلك.
وعليه، فمن ابتلي بأب مقصر في حقه وحقوق الله تعالى الواجبة فإنه يجب عليه بره والإحسان إليه ومداومة النصح له بلطف، لأنه أولى الناس بالنصح من غيره في قوله صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، قلنا : لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم من حديث تميم بن أوس الداري.
أما مسألة ضرب الزوجة والأبناء فإن كان لأجل التأديب، وروعي فيه ضوابط الشرع ومنها: أن لا يكون ضربا مبرحا، وأن تكون الفائدة منه مرجوة فهو جائز، وإلا فلا يجوز، وأحرى إن كان ذلك ظلما وعدوانا. وانظر الفتوى رقم: 69.
أما حكم أخذ الأب أموال بنيه فانظر فيه الفتوى رقم: 25339.
أما الشهادة لأحد الأبوين على الآخر فلا حرج فيها إذا أمن الميل. قال صاحب الفواكه الدواني: وتجوز شهادة أحد الأبوين لأحد أولاده على ولده الآخر، وشهادة الولد لأحد أبويه على الآخر إن لم يظهر ميل للمشهود له، وإلا منعت. اهـ.
أما الشهادة على الأبوين للغير فجائزة، لقول الحق سبحانه: كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ {النساء: 135}.
قال ابن قدامة معلقا على الآية: فأمر بالشهادة عليهم، ولو لم تقبل لما أمر بها. اهـ.
هذا، وننبه إلى أن الوالد إذا قذف ابنه لا يحد عند جمهور أهل العلم، وذهب بعض المالكية إلى أنه يحد. قال خليل بن إسحاق: وله حد أبيه وفسق. قال شارحه الخرشي: لكن المعتمد أنه لا حد على الأب ولو صرح لولده. اهـ.
أما مسألة منع الابن أباه من ضرب أمه في غير حق شرعي فجائز، لأن في ذلك حفظا لأمه من الضرر ونصرة لهما، أما أمه فلأنها مظلومة، وأما أبوه فلأنه ظالم، ومن نصرته في هذه الحالة منعه من الوقوع في الظلم. وقد قال صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالما أو مظلوما. قالوا: يا رسول الله: هذا ننصره مظلوما، فكيف ننصره ظالما؟ قال: تأخذ على يديه. رواه البخاري.
والله أعلم.