السؤال
أرجو إفتائي في هذه المسالة مشكورين
سؤالي هو
كنت أنوي إنشاء مشروع ولكن كان ينقصني المال فحاولت الاقتراض من جهات عدة ولكن محاولاتي باءت بالفشل وقد كنت املك سيارة فقمت بالتامين عليها عند إحدى شركات التامين وقد جعلت مبلغ التامين على السيارة 65000 ألف ريال بحيث إذا سرقت السيارة أو أتلفت تقوم شركة التأمين بتعويضي ب65000 ألف ريال فقمت بإخفاء السيارة وادعيت أنها مسروقة وأبلغت الشركة بذلك وانتظرنا مدة من الزمن ولم تجد الجهات الأمنية السيارة وقامت الشركة بتعويضي ب65000 ألف ريال فأخذت المبلغ وأنشأت مشروعي ونجح ولله الحمد وبعد ذلك بدأت أجمع أرباح المشروع حتى وصلت 65000 ألف ريال ثم أعلمت الشركة أنني وجدت السيارة وقمت بإعادة المبلغ الذي أخذته من قبل وهو65000 ألف ريال إلى الشركة بحجة أنني لا أريد المال بل أريد سيارتي مع أن مبلغ التأمين أكثر ب25000 ألف ريال من قيمة السيارة فأعدت المبلغ لأن نيتي لم تكن النصب والاحتيال على الشركة بل الاقتراض من أجل إنشاء مشروعي ولما جنيت الأرباح أعدت المبلغ إلى الشركة
سؤالي هو : (( ما حكم المال الذي أجنيه من مشروعي علما أن نيتي كما ذكرت حسنة بنية الاقتراض وقد أعدت المبلغ )) ومستعد أن أودع في حساب الشركة مبلغا إضافيا ليس كزيادة ربوية وإنما كنوع من رد الجميل للشركة وعن طيب خاطر مني
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبهك بداية إلى أن التأمين التجاري حرام لا يجوز للمسلم أن يشارك فيه، لأنه قائم على الميسر والغرر، وإذا وقعت منه مشاركة فيجب فسخها، ولا يجوز لأحد أن يستفيد من التأمين إلا في حدود ما دفع فقط من أقساط، وانظر لتفصيل ذلك الفتوى رقم: 2593.
وأما ما فعلته من الاحتيال على شركة التأمين فإنه لا يجوز، لأنه أكل مال بالباطل، وقد قال تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِل {البقرة: 188}. كما أنه غش، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من غش فليس مني. رواه مسلم. فيجب عليك أن تتوب إلى الله من ذلك كله.
أما حكم المال الذي تجنيه من مشروعك فقد اختلف العلماء في الربح الناشئ عن استثمار المال المأخوذ تعديا بغير حق هل يستحقه الآخذ أم المأخوذ منه، أم يكون بينهما؟ وقد لخص شيخ الإسلام ابن تيمية أقوال العلماء في ذلك مع بيان الراجح فقال رحمه الله: المال المغصوب إذا عمل فيه الغاصب حتى حصل منه نماء ففيه أقوال للعلماء هل النماء للمال وحده أو يتصدقان به، أو يكون بينهما كما يكون بينهما إذا عمل فيه بطريق المضاربة... كما فعل عمر بن الخطاب لما أقرض أبو موسى الأشعري ابنيه من مال الفيء مائتي ألف درهم وخصهما بها دون سائر المسلمين، ورأى عمر بن الخطاب أن ذلك محاباة لهما لا تجوز، وكان المال قد ربح ربحا كثيرا بلغ به المال ثمانمائة ألف درهم، فأمرهما أن يدفعا المال وربحه على بيت المال وأنه لا شيء لهما من الربح لكونهما قبضا المال بغير حق، فقال له ابنه عبيد الله: إن هذا لا يحل لك، فإن المال لو خسر وتلف كان ذلك من ضماننا، فلماذا تجعل علينا الضمان ولا تجعل لنا الربح، فتوقف عمر، فقال له بعض الصحابة: نجعله مضاربة بينهم وبين المسلمين، لهما نصف الربح، وللمسلمين نصف الربح، فعمل عمر بذلك.
وهذا مما اعتمد عليه الفقهاء في المضاربة وهو الذي استقر عليه قضاء عمر بن الخطاب ووافقه عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو العدل، فإن النماء حصل بمال هذا وعمل هذا فلا يختص أحدهما بالربح ولا تجب عليهم الصدقة بالنماء، فإن الحق لهما لا يعدوهما، بل يجعل الربح بينهما كما لو كانا مشتركين شركة مضاربة.
فعلى ما رجحه شيخ الإسلام فإن ما تستحق من ربح المال الذي أخذته بغير حق هو النصف فقط، أما النصف الباقي فإن الواجب رده إلى هذه الشركة، لكن لما كانت هذه الشركة لا تملك ما بأيديها من أموال، لكونها ناشئة عن عقود تأمين محرمة، فإن الواجب حينئذ صرف نصف هذا الربح في مصالح المسلمين كإعانة الفقراء والمساكين، وبناء المستشفيات والمدارس، ونحو ذلك من سبل صرف المال الحرام المقبوض بعقد محرم، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 54836.
والله أعلم.