السؤال
لقد دخلت في شراكة مع أخي برأس مال مناصفة بيننا، وكان أخي قد اقتراح أن تكون الأرباح في السنة الأولى لي بالكامل، بينما اقترح والدي أن أتلقى راتباً محدداً على أن يتم تقسيم ما يزيد من الأرباح بيني وبين أخي بالنصف.
بعد خمسة أشهر، قررنا إغلاق المشروع لأسباب تتعلق بسوق العمل. عندما طالبت براتبي المستحق، رفض والدي إعطائي الحد الأدنى للأجور بحجة أن دفع راتبي سيؤدي إلى تقليل أرباح أخي. ثم قام بإعطائي نصف الراتب المستحق فقط، رغم وجود أرباح كافية لتغطية راتبي دون أن يخسر أخي.
أود أن أوضح أنني كنت المسؤول عن جميع أعمال الشركة، من سواقة وتوصيل وشراء البضاعة وتصريفها، وكنت أعمل دواماً كاملاً، بينما أخي لم يكن يقوم بأي عمل. بعد ذلك، خرجت أصوات تقول إني أحب المال، وما إلى ذلك، مع العلم أنني رضيت بقسمة والدي ولم أعترض، لكنني قلت إنني لم أقتنع بها.
هل تعتبر هذه القسمة عادلة؟
جزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننوه إلى أنّ المسائل التي فيها نزاع بين الشركاء في الحقوق والديون ونحوها؛ لا تنفع فيها الفتوى عن بُعد؛ والذي يفصل فيها هو القضاء، أو من يرتضيه أطراف النزاع للحكم بينهم ممن يصلح لذلك فيسمع منهم، ويتعرف على حقيقة ما حصل بينهم.
والذي بوسعنا أن نفيدك به على سبيل العموم ما يلي:
- لا يجوز في عقد الشركة أن يكون للشريك أجرة محددة مع نسبة من الربح.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وجملته أنه متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معلومة، أو جعل مع نصيبه دراهم، مثل أن يشترط لنفسه جزءا وعشرة دراهم، بطلت الشركة. انتهى.
وجاء في معيار الشركة من معايير هيئة المحاسبة: 3/ 1/3/ 4 : لا يجوز تخصيص أجر محدد في عقد الشركة لمن يستعان به من الشركاء في الإدارة أو في مهمات أخرى مثل المحاسبة. ولكن يجوز زيادة نصيبه من الأرباح على حصته في الشركة.
3/ 1/3/ 5 يجوز تكليف أحد الشركاء بالمهمات المذكورة في البند 3/ 1/3/ 4 بعقد منفصل عن عقد الشركة بحيث يمكن عزله دون أن يترتب على ذلك تعديل عقد الشركة أو فسخه، وحينئذ يجوز تخصيص أجر محدد له. انتهى.
- إذا اشترك اثنان بماليهما وتساويا في المال وكان العمل من أحدهما دون الآخر؛ فلا بد أن يشترط للعامل منهما نسبة من الربح أكثر من النصف ليكون لعمله مقابلا.
جاء في شرح الزركشي على مختصر الخرقي: وأما ما جمع شركة ومضاربة - كأن يشترك مالان وبدن صاحب أحدهما، مثل أن يخرج كل واحد منهما ألفا ليعمل أحدهما فيهما- فلا بد وأن يشترط للعامل أكثر من ربح ماله، كأن يشترط له الثلثان، أو النصف والربع، ونحو ذلك في مسألتنا، ليكون الزائد على ربح ماله مقابلا لعمله في نصيب صاحبه. انتهى.
- إذا فسد عقد الشركة؛ فالربح الحاصل من الشركة يقسم بين الشركاء حسب حصصهم في رأس المال، ويأخذ كل شريك أجرة نصف عمله الذي قام به في الشركة.
قال البهوتي -رحمه الله- في شرح منتهى الإرادات: وإذا فسدت الشركة بجهالة الربح أو غيرها قسم ربح شركة عنان وربح شركة وجوه على قدر المالين .....
ورجع كل من شريكين في شركة عنان وشركة وجوه وشركة أبدان بأجرة نصف عمله؛ لعمله في نصيب شريكه بعقد يبتغي به الفضل في ثاني الحال، فوجب أن يقابل العمل فيه عوض كالمضاربة. انتهى مختصرا.
- وإذا حصل صلح بين الشركاء على شيء من القسمة تراضوا عليه؛ فلا حرج في ذلك.
- والواجب الحرص على بر الوالد والإحسان إليه، والحرص على صلة الرحم، والحذر من الوقوع في العقوق أو قطع الرحم بسبب الاختلاف في المسائل المالية، ولا يخفى فضل العفو والتجاوز والسماحة في هذه الأمور، خاصة مع الوالدين والأقربين.
والله أعلم.