الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حنَّث والده في يمينه دون علمه.. الحكم.. والواجب

السؤال

في العام الماضي كنت أريد أن أشتري شيئا، فقلت ذلك لولدي، فامتنع.... فحاولت معه، فحلف علي بأن لا أشتريه، ولكنني اشتريته دون علمه، ولا أستطيع إخباره تجنبا لحدوث عداوة، فماذا علي أن أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن إبرار يمين المقسم مرغب فيه شرعا، لما في الصحيحين من حديث البراء بن عازب ـ رضي الله عنهما ـ قال: أمرنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بسبعٍ : أمرنا بعيادة المريض، واتّباع الجنائز، وتشميت العاطس، وإبرار القسم، أو المقسم، ونصر المظلوم، وإجابة الدّاعي، وإفشاء السّلام . اهـ.

ولعل السائل أخطأ فكتب: لولده، بدلا من: لوالده- أو أراد ابنه فعلا، ومن المعلوم أن الأب لا يجب عليه بر ابنه في الأصل، وإذا أقسم فهو مرغب في بر قسمه، وإذا كان الحالف هو الأب، فحق الأب والحرص على رضاه، وطاعته بالمعروف مطلب شرعي، وتجب طاعته فيما فيه مصلحة، ولا يلحق الابن ضرر به، ولا سيما إذا أقسم، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية، وإن كانا فاسقين، وهو ظاهر إطلاق أحمد، وهذا فيما فيه منفعة لهما، ولا ضرر، فإن شق عليه، ولم يضره وجب، وإلا فلا. انتهى.

وما دمت قد اشتريت ما حلف عليك أبوك ألا تشتريه فقد أحنثته بذلك، فلزمته كفارة يمين، قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ في المغني: فإن قال: والله ليفعلن فلان كذا، أو لا يفعل، أو حلف على حاضر، فقال: والله لتفعلن كذا، فأحنثه، ولم يفعل، فالكفارة على الحالف، كذا قال ابن عمر، وأهل المدينة، وعطاء، وقتادة، والأوزاعي، وأهل العراق، والشافعي، لأن الحالف هو الحانث، فكانت الكفارة عليه. انتهى.

وحيث إن أباك يجهل أنه قد حنث في يمينه، فعليك أن تخبره بما فعلت، ليكفر عن يمينه، ويجوز أن تنوب عنه في إخراج الكفارة، ولكن لا بد من إذنه، جاء في كشاف القناع: وإن أخرج حر مسلم مكلف زكاة شخص، أو كفارته من ماله -أي مال المخرج- بإذنه صح إخراجه عنه كالوكيل، وله -أي المخرج- الرجوع عليه إن نواه أي نوى الرجوع، لا إن نوى التبرع، أو أطلق، وإن كان إخراجه لزكاة غيره بغير إذنه لم يصح، لعدم النية من المخرج عنه المتعلق به الوجوب، كما لو أخرجها من مال المخرج عنه بلا إذنه، لعدم ولايته عليه، ووكالته عنه. اهـ.

وفي الموسوعة الفقهية الكويتية: دَين اللّه الماليّ المحض كالزّكاة، والصّدقات، والكفّارات تجوز فيه النّيابة عن الغير، سواء أكان من هو في ذمّته قادراً على ذلك بنفسه أم لا، لأنّ الواجب فيها إخراج المال وهو يحصل بفعل النّائب، وسواء أكان الأداء عن الحيّ أم عن الميّت، إلاّ أنّ الأداء عن الحيّ لا يجوز إلاّ بإذنه باتّفاقٍ، وذلك للافتقار في الأداء إلى النّيّة، لأنّها عبادة، فلا تسقط عن المكلّف بدون إذنه. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني