السؤال
والدي يقول لا إله إلا الله فقط، ولا يؤمن بالرسل، ولا بالتكاليف مثل الصلاة، والصوم، وقد تركهما منذ أمد بعيد، وعندما أنصحه بالصلاة، وبالتضرع إلى الله، وطلب الهداية يدعي أنه على هدى، وأنه على حق، وأن الله لا تنقصه الفروض التي نؤديها، ويستدل على أنه على هدى، وأنه على حق بأن الله يرزقه، ويوسع عليه، وأن الله قد ساعده، ووفقه في حياته العائلية، والعملية، ودائما ما تقول له أمي إن الله يحبه، لأنه طيب، رغم أنها تعلم أنه لا يصلي، ولا يقيم أي شيء من أركان الإسلام سوى قول لا إله إلا الله، وأنا أدعو له بالهداية، ولكنني بدأت أشعر بغصة في قلبي تجاه ما يفعل، وأشعر أحيانا بالحنق عليه، وعلى المبدأ الذي يتبعه، علما بأنه يساعدني ماليا، ويبرني أنا وأسرتي، وأولادي، وفي قلبه رحمة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المعلوم -ضرورة من دين الإسلام- أن من لم يؤمن بركن من أركان الإيمان الستة كالإيمان بالرسل، أو جحد ركناً من أركان الإسلام الخمسة كالصلاة والصوم، أنه كافر بالله، خارج من ملة الإسلام، حتى يتوب، ويؤمن بجميع أركان الإيمان، والإسلام، وأن مجرد قوله لا إله إلا الله لا تنفعه عند الله حتى يأتي بشروطها، ولوازمها التي لا تصح إلا بها، والتي منها إيمانه بالرسل، واعتقاده وجوب الصلاة والصوم.. وكيف يدَّعي الهدايةَ مَن كذَّب برسل الله، وجحد فرائضه التي فرضها عليها، ويستدل على هدايته المزعومة بأن الله قد رزقه ووسع عليه، وأعانه في حياته الدنيوية؟! أمَا علم أن كثيرا من الكفرة قديماً وحديثاً قد رزقهم الله المال الكثير، ولم ينفعهم ذلك عند الله شيئاً، فهذا قارون قد رزقه الله من الكنوز الشيء الكثير، كما قال تعالى: إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ {القصص: 76}.
ومع هذا المال الكثير فقد خسف الله به الأرض؛ لكفره وطغيانه، فلم يكن من المفلحين، قال عز وجل: فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ {القصص: 81ـ 82}.
وكذلك كون والدك طيب القلب معكم، فإن ذلك لا ينجيه من عذاب الله إن لم يؤمن الإيمان الصحيح، فهذا أبو طالب عمّ النبي صلى الله عليه وسلم كان طيب القلب معه، ولم تُنجه هذه الطيبة، والمحبة للنبي صلى الله عليه وسلم من عذاب الله، ولا كانت دليلاً على هدايته، بل أنزل الله في أبي طالب قوله تعالى: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ {القصص: 56}.
فابذلي -أيتها السائلة- النصيحة لوالدك، وبالغي في نصحه، لعل الله يهديه إلى الإسلام، ويتوب عليه من الكفر، وينقذه من عذابه الشديد، وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتاوى: 105290، 291913، 241084، 78185، 417796.
والله أعلم.