السؤال
صديقي عمره: 29 سنة، وله أخ أكبر منه بثلاث سنوات، ووالدهم متوفى، وهذا الأخ الكبير دائما يأمره بطاعته، بحجة أن الولاية له بعد وفاة الأب، ويمنعه من أشياء غريبة مثل: استخدام الهاتف، والخروج من المنزل، وأن لا يعيش في بيت وحده، وأن لا يسهر، وأن لا يأكل الأكل الفلاني، كي لا يصاب بالسمنة. ويأمره بأشياء لا يريدها مثل حفظ القرآن، مع العلم أنه يعمل، ويصرف على نفسه، فهل يجوز له عصيانه، والعيش في منزل وحده، وبعيدا عنه، دون قطع صلة الرحم؟ وصحيح أن الأب أوصى الأخ الأكبر على إخوانه، ولكنه بالتأكيد لو كان حيا لما قبل بما يفعله، ولوبخه. وأنا فعلا حزين عليه، فهل يجوز له العمل بما قلت قبل قليل؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس للأخ ولاية على أخيه البالغ الراشد، ولا حقّ للأخ في الحجر على أخيه في الإقامة حيث شاء، أو الخروج من البيت، أو استعمال الهاتف، أو غير ذلك؛ ولا تجب على الأخ طاعة أخيه في ذلك؛ فقد نصّ أهل العلم على أنّ البالغ الرشيد لا حقّ لوالديه في منعه من الإقامة حيث شاء، أو منعه من السفر، أو الخروج لمصالحه، والسعي في معاشه.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: ولا تثبت الحضانة إلا على الطفل، أو المعتوه، فأما البالغ الرشيد، فلا حضانة عليه، وإليه الخيرة في الإقامة عند من شاء من أبويه، فإن كان رجلا، فله الانفراد بنفسه، لاستغنائه عنهما، ويستحب أن لا ينفرد عنهما، ولا يقطع بره عنهما. انتهى.
وجاء في الجامع لمسائل المدونة: قال مالك: وإذا احتلم الغلام فله أن يذهب حيث شاء، وليس لأبيه منعه. انتهى.
فإن كان هذا في حق الوالدين الذين عظّم الله حقهما، وأوجب على الولد برهما، وطاعتهما في المعروف؛ فأحرى أن يكون في حقّ الأخ، لكن الأخ له حق الصلة، والأخ الأكبر له حقّ التوقير، وراجع الفتويين: 446701 460303
لكن بما أن هذا الأخ لا يأمر إلا بمعروف، أو ما فيه مصلحة، فتنبغي طاعته، والحرص على قبول نصيحته في المعروف؛ فإذا نصحه بحفظ القرآن، أو المحافظة على صحة بدنه؛ فنعم النصيحة هذه؛ فقد جمعت بين صلاح الدين، وصلاح الدنيا؛ فننصح الأخ الصغير أن يعمل بهذه النصيحة، ويحمد لأخيه حرصه على ما ينفعه في دينه ودنياه.
والله أعلم.