السؤال
نعلم أن الطلاق أبغض الحلال، وأنه يهتز له عرش الرحمن فكيف لسيدنا الحسن أو الحسين لا أدري بالتحديد أن يكون كثير الزواج والطلاق لدرجة أن سيدنا عليا يصعد المنبر ويقول لا تزوجوه فإنه مزواج مطلاق، مع أنه سيد شباب أهل الجنة، أرجو الإفادة بالله عليكم، كما أريد أن أعلم لماذا رفض سيدنا محمد أن يتزوج عليٌ على السيدة فاطمة، وقال إن ما يؤذي فاطمة يؤذيه، مع أن الزواج بأكثر من واحدة حلال، وهل يجوز أن تشترط المرأة على زوجها ألا يتزوج عليها (أريد رأي جمهور الأمة)؟ وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذكر الذهبي رحمه الله تعالى أن الذي كان مطلاقاً هو الحسن رضي الله عنه، قال الذهبي رحمه الله تعالى في السير: قال علي: ما زال حسن يتزوج ويطلق حتى خشيت أن يكون يورثنا عداوة في القبائل، يا أهل الكوفة: لا تزوجوه فإنه مطلاق، فقال رجل من همدان: والله لنزوجنه فما رضي أمسك وما كره طلق. قال المدائني: أحصن الحسن تسعين امرأة. انتهى.
والطلاق من حيث الأصل حلال وليس حراما كما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلا إثم على المطلق، ومن هذا القبيل زواج وطلاق الحسن رضي الله عنه.
غير أن للطلاق أحكاماًَ عارضة، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم: لكن يكره -أي الطلاق- للحديث المشهور في سنن أبي داود وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أبغض الحلال إلى الله الطلاق. فيكون حديث ابن عمر لبيان أنه ليس بحرام وهذا الحديث لبيان كراهة التنزيه، قال أصحابنا: الطلاق أربعة أقسام: حرام، ومكروه، وواجب، ومندوب، ولا يكون مباحاً مستوي الطرفين، فأما الواجب ففي صورتين وهما:
1- في الحكمين إذا بعثهما القاضي عند الشقاق بين الزوجين ورأيا المصلحة في الطلاق وجب عليهما الطلاق.
2- وفي المولي إذا مضت عليه أربعة أشهر وطالبت المرأة بحقها فامتنع من الفيئة والطلاق، فالأصح عندنا أنه يجب على القاضي أن يطلق عليه طلقة رجعية.
وأما المكروه، فأن يكون الحال بينهما مستقيما فيطلق بلا سبب، وعليه يحمل حديث أبغض الحلال إلى الله الطلاق.
وأما الحرام ففي ثلاث صور:
أحدها: في الحيض بلا عوض منها ولا سؤالها.
الثاني: في طهر جامعها فيه قبل بيان الحمل.
الثالث: إذا كان عنده زوجات يقسم لهن وطلق واحدة قبل أن يوفيها قسمها.
وأما المندوب فهو أن لا تكون المرأة عفيفة، أو يخافا أو أحدهما أن لا يقيما حدود الله أو نحو ذلك. والله أعلم. انتهى كلام النووي رحمه الله تعالى، وانظر الفتوى رقم: 6875.
وأما ما يتعلق بمنع النبي صلى الله عليه وسلم علياً من الزواج على فاطمة رضي الله عنها، فسبق في الفتوى رقم: 36803.
واشتراط المرأة على زوجها أن لا يتزوج عليها محل خلاف بين أهل العلم، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 32542.
والله أعلم.