السؤال
غضبت من زوجتي -التي لم أدخل بها- غضبًا شديدًا، وأنا ظالم لها، ولم أكن أعلم، وقد نزغ الشيطان بيني وبينها، فَغَضِبَتْ هي، فاتصل بي أخوها بالأمس، وكنت أظن أنه سيسألني، ويسمع مني، ويسعى للصلح، لكني فوجئت بعد التحية بأن طلب مني أن أتلفظ بالطلاق، فصدمت بذلك وقلت: هي طالق، ثم رد عليَّ الكرَّة، وقال: قل أختك طالق، فقلت، مع العلم أن غضبي شديد جدًا، ولم أكن أتحكم بنفسي من شدة الغضب والذهول، ولم تكن نيتي الطلاق في تلك اللحظة، إنما أجبته لما أراد مني فقط. فهل وقع الطلاق في هذه الحالة أم لا؟ وماذا يترتب على ذلك من أحكام؟
بارك اللّه فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأكثر أهل العلم على أنّ الغضب الذي لا يزيل العقل بالكلية؛ لا يمنع وقوع الطلاق، وهذا هو المفتى به عندنا، وراجع الفتوى: 337432.
فإن كنت تلفظت بالطلاق، مدركًا لما تقول؛ فالمفتى به عندنا أنّ طلاقك واقع مهما كان غضبك شديدًا وقت التلفظ به، ولا عبرة بعدم نيتك الطلاق؛ لأّن اللفظ الصريح يقع به الطلاق من غير حاجة إلى نية.
قال ابن قدامة صاحب الشرح الكبير: وجملة ذلك: أن الصريح لا يحتاج إلى نية، بل يقع من غير قصد، فمتى قال: أنت طالق، أو مطلقة، أو طلقتك؛ وقع من غير نية بغير خلاف. انتهى.
وما دمت لم تدخل بزوجتك؛ فطلاقك بائن، لا تملك فيه رجعتها، إلا بعقد، ومهر، جديدين.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: أجمع أهل العلم على أن غير المدخول بها تَبِينُ بطلقة واحدة، ولا يستحق مطلقها رجعتها؛ وذلك لأن الرجعة إنما تكون في العدة، ولا عدة قبل الدخول؛ لقول الله سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا} [الأحزاب: 49] فَبَيَّنَ الله -سبحانه- أنه لا عدة عليها، فَتَبِين بمجرد طلاقها، وتصير كالمدخول بها بعد انقضاء عدتها، لا رجعة عليها، ولا نفقة لها، وإن رغب مطلقها فيها، فهو خاطب من الخطاب، يتزوجها برضاها، بنكاح جديد، وترجع إليه بطلقتين. انتهى.
إمّا إذا كان الغضب بلغ منك مبلغًا، أفقدك عقلك، فلم تدر ما تقول؛ فطلاقك غير نافذ، وزوجتك في عصمتك.
وما دام في المسألة تفصيل -حسب حالك وقت التلفظ بالطلاق-؛ فالذي ننصحك به أن تعرض المسألة على من يمكنك مشافهته من أهل العلم المشهود لهم بالفقه والديانة في بلدك.
والله أعلم.