الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول لك أولاً إنك في بداية الطريق الصحيح، بإدراكك لما أنت فيه من حال يحتاج إلى تصحيح في أمور دينك ودنياك.
واعلم أنك إذا صدقت الله -عز وجل- في مسعاك حقق لك مبتغاك، فعاقبة الصدق خير، قال تعالى: طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ {محمد: 21}.
وثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال لأحد أصحابه: إن تصدق الله؛ يصدقك. رواه النسائي في سننه.
ثانياً: عليك بالإكثار من الدعاء، فربنا سميع مجيب، قال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة: 186}.
فادع لنفسك بالهداية، وادع لأبيك بأن يرزقه الله الرشد والصواب، وإن قصر في حقك فسامحه، ولا تقف مع ما كان منه في الماضي من تقصير، فإن ذلك يدخل عليك الحسرات، وذلك مما يضر ولا ينفع.
ثالثا: أقبل على الاستقامة على طاعة الله -عز وجل-، واحرص على المحافظة على الصلاة خاصة، فالصلاة نور تجعلك على بصيرة في أمر دينك ودنياك، وإذا بدأت في طريق الهداية وجدت توفيقاً عظيماً من الله، فهو القائل: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت: 69}.
نقل ابن كثير في تفسير هذه الآية عن عباس الهمداني أبي أحمد -من أهل عكا- أنه قال: الذين يعملون بما يعلمون، يهديهم لما لا يعلمون. انتهى.
وجاء في كتاب بريقة محمودية: من كان مراده الهداية من الله -تعالى- فلا بد أن يحصل المجاهدة؛ لأنه جعل المجاهدة علة عادية لهدايته... انتهى.
رابعًا: احرص على العلم النافع، وحضور مجالس الخير، وصحبة الصالحين؛ فإن هذا مُعِينٌ على سبيل الثبات في طريق الهداية، ونيل السعادة؛ فالأخيار لا يشقى جليسهم.
ثبت في الصحيحين عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله متى الساعة؟ قال: وما أعددت للساعة؟ قال: حب الله ورسوله، قال: فإنك مع من أحببت.
قال أنس: فما فرحنا بعد الإسلام فرحاً أشد من قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: فإنك مع من أحببت.
قال أنس: فأنا أحب الله ورسوله، وأبا بكر وعمر، فأرجو أن أكون معهم، وإن لم أعمل بأعمالهم.
خامسا: وإذا كانت الطاعات هي سبيل السعادة، فإن المعاصي هي سبيل الشقاء في الدنيا والآخرة. يظلم بها القلب، كما في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه، فإن زاد زادت، فذلك الران الذي ذكره الله في كتابه: (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون). رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.
وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: إن للحسنة ضياء في الوجه، ونوراً في القلب، وسعة في الرزق، وقوة في البدن، ومحبة في قلوب الخلق.
وإن للسيئة سواداً في الوجه، وظلمة في القلب، ووهناً في البدن، ونقصاً في الرزق، وبغضة في قلوب الخلق.
وصاحب هذا القلب المظلم يصيبه نكد الحياة، وتغشاه الأحزان فيعيش مكتئباً فيكون منه التفكير في الانتحار، فإن فعل انتقل إلى الشقاء الأعظم.
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من تردى من جبل فقتل نفسه؛ فهو في نار جهنم يتردى فيها خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تحسى سمًا فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا.
فإذا كان الحال كذلك، فلا يفكر في الانتحار عاقل، فضلاً عن أن يقدم عليه بالفعل.
سادسا: نختم بالكلام عما ذكرت من ضعف شخصيتك، وحاجتك للتغيير فنقول: إن التوجيهات السابقة من جانب الإيمان والاستقامة والطاعة، تعينك على ذلك بإذن الله تعالى.
ومن الكتب التي يمكن أن نرشدك إليها كتاب: الجواب الكافي لابن القيم، وكتاب: مختصر منهاج القاصدين لابن قدامة.
وفي قسم الاستشارات في موقعنا كثير من الاستشارات المتعلقة بكيفية تقوية الشخصية، نحيلك على سبيل المثال على هذا الرابط:
https://www.islamweb.net/ar/consult/285436/
نسأل الله -عز وجل- لك العافية والسلامة من كل شر وبلاء، ونسأله أن يوفقك لكل خير.
والله أعلم.