السؤال
دعاني شخص مقرب مني إلى المشاركة معه في مزاد علني، لكي يرسو عليه العرض. المزاد يخص شقته التي يملكها هو وزوجته المتوفاة،
وعند وفاة زوجته، تم إصدار حكم ببيع الشقة في المزاد لتفريق المبلغ. هو يملك ما يقارب 70% من مبلغ الشقة، ويريد أن يشتريها هو بالمزاد لكي يدفع فقط فارق السعر.
لكن المزاد يتم إجراؤه منذ سنة 2016، ولا أحد يقدم عرضا عليه، وبالتالي يتم إلغاؤه، وتجديده في كل مرة، والسبب هو أن الشقة موضوع المزاد يقطن بها هذا الشخص. ومن شروط المزاد أن يقدم شخصان على الأقل عروضهم، والعرض الأكبر هو الذي يرسو عليه المزاد.
وقد طلب مني أن أعينه، بحيث أشارك معه في مزاده، وأضع أنا العرض الأول، وهو يزيد في السعر عليَّ قليلا؛ ليظفر بالمزاد.
فما قولكم في هذا؟ بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنقول مقدمة للجواب: يحق لهذا الشخص أن يتملك هذه الشقة باعتباره أحد المالكين والوارثين، ولو ملكها أجنبي غيره عن طريق المزاد، فله الحق في انتزاعها منه عن طريق الشفعة، ولكن لا يحق لهذا الشخص أن يعطّل بيع الشقة، أو أن ينقص قيمتها بسبب سكناه فيها، ففي ذلك اعتداء على حق بقية الورثة وإضرار بهم.
ثم نقول: تجوز هذه الحيلة إذا كان الغرض منها الحفاظ على حقه في تملك الشقة، بشرط أن يكون سعر الشقة الذي سيضعه في المزاد هو قيمتها الحقيقية، لا قيمتها الناقصة بسبب سُكناه فيها.
وأما إن كانت هذه الحيلة سيتوصل بها إلى حقه مع ضياع حق غيره من الورثة، أو نقصانه، فلا تجوز الحيلة، ولا مساعدته فيها.
قال ابن القيم -رحمه الله- في إغاثة اللهفان: فالحيلة معتبرة بالأمر المحتال بها عليه إطلاقًا ومنعًا، ومصلحة ومفسدة، وطاعة ومعصية. فإن كان المقصود أمرًا حسنًا كانت الحيلة حسنة، وإن كان قبيحًا كانت الحيلةُ قبيحةً، وإن كان طاعةً وقُربة كانت الحيلةُ عليه كذلك، وإن كانت معصيةً وفسوقًا كانت الحيلة عليه كذلك.
ولما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود؛ فتستحلّوا محارم الله بأدنَى الحيل» صارت في عُرْف الفقهاء إذا أطلقت يُقْصَد بها الحيل التي يُستَحَلُ بها المحارم، كحيل اليهود. وكل حيلةٍ تتضمن إسقاط حقٍّ لله، أو لآدميّ فهي مما يستحلُّ بها المحارم. اهـ.
والله أعلم.