السؤال
أحتاج لبدء مشروع أنا وأحد أصدقائي، وأتينا بفكرة، ونريد معرفة حكمها، وهي أن نأتي بالمنتج، ونعمل سحبًا عليه عن طريق طباعة أوراق ذات أرقام بمبلغ مالي بسيط، ونبيع تلك الأوراق، ثم نعمل سحبًا عشوائيًّا، ويربح هذا المنتج أحد الذين اشتروا تلك الأوراق، ورِبحنا يكون من بيع تلك الأوراق، فهل هذا حلال أو حرام كحرمة اليانصيب؟ أرجو الرد -جزاكم الله كل خير-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الل،ه وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرًا على تحرِّي الحلال، والخشية من الحرام، وهكذا ينبغي أن يكون المسلم الحريص على دِينه.
وأسباب الكسب المباح وطُرقه كثيرة لمن تحرّاها وابتغاها، ودرهم حلال خير من ألف درهم حرام، قال تعالى: قُل لّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {المائدة:100}،وفي الحديث: إن روح القدس نفث في رُوعي: أن نفسًا لن تموت حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها، فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن يطلبه أحدكم بمعصية الله؛ فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته. رواه ابن ماجه.
وأما ما سألت عنه حول بيع تلك الأوراق للسحب على المنتج، بحيث يفوز به أحد مشتري تلك الأوراق.
فالجواب عنه: أنه لا يجوز؛ لكونه من القمار المحرم، والميسر الممنوع، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {المائدة:90}.
وحقيقة القمار: التردد بين الغُنْم والغُرْم، وهذا حاصل في هذه المعاملة، فمن يشتري الأوراق قد يفوز بالمنتج؛ فيغنم، وقد لا يفوز؛ فيخسر ما اشترى به الأوراق؛ إذ لا قيمة لها سوى المشاركة في السحب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: القمار معناه: أن يؤخذ مال الإنسان، وهو على مخاطرة، هل يحصل له عوضه أو لا يحصل. اهـ.
والقمار من كبائر الذنوب، قال الذهبي في كتابه الكبائر: والميسر هو القمار بأي نوع كان ... وهو من أكل أموال الناس بالباطل الذي نهى الله عنه بقوله: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل"، وداخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن رجالًا يتخوّضون في مال الله بغير حق؛ فلهم النار يوم القيامة"، وفي صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قال لصاحبه: تعال أقامرك؛ فليتصدّق"، فإذا كان مجرد القول يوجِب الكفارة أو الصدقة، فما ظنك بالفعل!؟ انتهى.
وننصحك بالتفقّه في أحكام البيوع والمنهيات فيها؛ لتتجنّب الوقوع في المعاملات المحرمة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ. متفق عليه.
والله أعلم.