السؤال
كنت في العمرة، وبعد انتهاء عمرتي أحرمت لأعتمر لجدّتي المتوفاة، وأثناء العمرة جاءتني الدورة الشهرية، فقالت النساء لي: يجب عليك قصّ الشعر، والتحلّل، فقصصت شعري، وبعدها قالوا لي: إني وقعت في خطأ، وعليّ كفارة ذبح شاة، فهل هذا صحيح؟ ولو كان صحيحًا، فهل يجب أن تذبح في مكة، أم من الممكن ذبحها في مصر؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالحيض لا يفسدُ العمرة، وإنما يمنعُ من الطواف في قول الجمهور؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- لعائشة -رضي الله عنها-: افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت؛ حتى تطهري. متفق عليه.
وقال الحنفية في الراجح عندهم -وهو رواية عن الإمام أحمد-: إن الطهارة من الحيض واجبة، وليست شرطًا لصحة الطواف.
وعليه؛ فإن كنت لم تتمّي عمرتك؛ فأنت باقية على إحرامك؛ لأن من أحرم بالحج أو العمرة، لا يجوز له أن يتحلّل حتى يتم نسكه؛ لقوله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلهِ {البقرة:196}.
وعليك الآن أن تكفي عن محظورات الإحرام، وتعودي إلى العمرة، وتطوفي، وتسعي، وتقصري، فإذا فعلت ذلك؛ فقد تمت عمرتك.
وإن لم تستطيعي الرجوع إلى مكة، وإتمام النسك؛ فحكمك حكم المحصر؛ فتتحّللين بذبح هدي، وتأخذين من شعرك، ويمكن ذبح هذا الهدي بالمكان الذي أنت فيه؛ فالمحصر يذبح بمكان إحصاره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما مُنع من دخول مكة زمن الحديبية، نحر هديه خارج الحرم، ويجوز أيضًا توكيل من يشتريه، ويذبحه بمكة.
فإن عجزتِ عن الهدي؛ صمتِ عشرة أيام، قال العلامة الرملي في نهاية المحتاج شرح المنهاج: ومن حاضت قبل طواف الإفاضة؛ تبقى على إحرامها، وإن مضى عليها أعوام، نعم، لو عادت إلى بلدها وهي محرمة، عادمة النفقة، ولم يمكنها الوصول للبيت الحرام؛ كان حكمها كالمحصر، فتتحلّل بذبح شاة، وتقصّر، وتنوي التحلل. اهـ.
كما تجب عليك الفدية لأنك قصصت شعرك قبل التحلّل، وهي واحدة من ثلاثة أمور على التخيير:
1- صيام ثلاثة أيام.
2- أو إطعام ستة مساكين.
3- أو شاة تذبح بمكة، وتفرقيها على فقراء الحرم.
وعليك أن تسألي أهل العلم فيما أشكل عليك من أمر دِينك، ولا تعتمدي على كلام عوام الناس في حكم الشرع؛ لقوله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}.
والله أعلم.